ثانياً، تعجب من معارضة دأبت على المطالبة بوقف العنف كمقدمة للشروع بحل سياسي، لكن بعضها الذي تفتنه اليوم «انتصارات» الجماعات المسلحة، صار من أشد المطالبين باستجرار سلاح نوعي للمقاتلين، ومن أكثر المتحمسين للحسم العسكري، من دون تحسب لدور سطوة القوة العارية في تنحية الحقل السياسي أكثر فأكثر وتهميش المجتمع المدني وتدمير الحاضنة الشعبية وخسارة فئات لها مصلحة في التغيير الديموقراطي
وهكذا، وبعد كل التضحيات التي قدمها السوريون يعدهم «الممثل الديموقراطي» لهم في ائتلاف المعارضة أنهم بعد سقوط النظام سيحصلون على سبع سنوات هي «عتبة الديموقراطية». سبع سنوات غامضة الآلية في الحكم. ليلموا فيها شملهم ويتوحدوا ويتوافقوا، لكن كيف؟ إن لم يكن عبر نظام توافقي يقوم على المحاصصة وهو فعلاً أبشع أنواع الأنظمة كما نراها في لبنان والعراق.
وعند لورنس، الطفل يولد و له جنسه، و يصل إلى الذكورة أو الأنوثة بعد البلوغ و يتلقى معايير الجنوسة من الثقافة التي يعيش هو/ هي فيها. و لكن في مشروع لورنس، الجنوسة وظيفية و ليست هوية ثابتة. و في نقده الموجه إلى الثقافة، كان ضد كل الظواهر الثابتة، و ظاهرة الجنوسة ليست استثناء. في فانتازيا اللاشعور، يناقش مشكلة معايير جسد الرجل،
البراميل المتفجرة التي ازداد معدل استخدامها من قبل قوات النظام، في ظل صمت دولي شبه تام، تؤكد من جديد ألاّ أحد يكترث بالسوريين. لكن لا يقل أهمية عن ذلك أن السوريين بغالبيتهم لم يعودوا كذلك، ومجيء الحشد الشيعي الأخير قد يكون حاسماً في قصم ما تبقى من شعرة تلك الصفة المعنوية «السورية» التي تجمعهم، وبقائها ضمن مفهوم الجغرافيا الطبيعية ليس إلا. ليس بالأهمية ذاتها هنا ما إذا بقيت البلاد موحدة أو خضعت للتقسيم،
ليست الانتخابات كنه الديمقراطية كما يريد أن يوهمنا الإسلاميون ومن يدور في فلكهم بل هي طريقة في اختيار من يدير البنيان الدولتي القائم سلفا، وهو أساس وشرط المرور من دولة “الرعية” إلى دولة المواطنة. وحينها فقط نضمن حرية الضمير والتعبير وأسلوب العيش للجميع ونضمن احترام الاختلاف.
وتجنبا لهذه الكارثة ينبغي فصل الدين عن السياسة لضمان تنافس حقيقي من أجل الوصول إلى السلطة
في خريف العام 1971، قدّم الأخوان رحباني على خشبة “معرض دمشقي الدولي” مسرحية “ناس من ورق”، وتضمّن هذا العرض لوحة غنائية بديعة لعبت فيها فيروز دور زنوبيا ملكة تدمر. تبدأ اللوحة مع اعلان تمهيدي من “المهرّجة” جورجيت صايغ: “طلّو من الشبابيك/ وقفو على الطرقات/ ودّعو زنوبيا/ الملكة العظيمة/ بدّا تترك تدمر/ لأنها حبّت تدمر”. تخرج المهرّجة، وترتفع أصوات الأبواق.
يبلغ عدد المتاحف في سوريا ثمانية و ثلاثون متحفا (يتضمنها متاحف الفنون الشعبية) و بالرغم من أن تواريخ تأسيس المتاحف في سورية قديم العهد إلا أنه لم يكن يحقق الغاية المرجوة منه لقلة الوعي الشعبي بمعنى الهوية الحضارية التي حاولت الحملات الأوروبية طمسها في كامل المشرق العربي , و بدأ الاهتمام بإنشاء هذه المتاحف بشكل عملي مع ازدياد انتقال القطع الأثرية الى اسطنبول و الدول الأوروبية في فترة حكم الدولة العثمانية
منذ اندلاع ثورات “الربيع العربي” في العام 2011، درجت لدى الغالبية، عادةُ إبراز العاميّ على حساب المثقف الحقيقيّ، انطلاقاً من موقف كيديّ أحياناً، يُستعمَل فيه العاميّ أداةً في خدمة وجهة نظر معيَّنة، عندما يقع اصطدام نظريّ مثلاً، بين المثقفين أنفسهم، وغالباً ما يستغلّ العاميّ الحاجة إليه في الصراع هذا، فيمعن في استبداده ضد المثقف الحقيقيّ. هكذا، يصير هذا الأخير مهمَّشاً أكثر، فضلاً عن كونه مهمشاً وملفوظاً أصلاً.
أعوام مرت على خروج مصطفى خليفة من السجن، وأعوام على كتابته (القوقعة)، ويوم واحد فقط مر على تحرير ذلك السجن الذي يعد واحد من أخطر سجون العالم في العصر الحديث، ويبقى للكاتب رأيه في ذلك التحرير، وكيف يرى (قوقعته ) بعد التحرير، وغيرها الكثير من الأسئلة التي طرحها (سراج برس) على الكاتب السوري مصطفى خليفة بعد غياب طويل عن الإعلام، وبعد يوم من تحرير السجن، وخرج لكم بالحوار التالي:
يمكن اعتبار كل ما مضى الصورة الخلفية للواقع الذي يعاد إنتاجه على الخشب، قبل أن نجد أنفسنا داخل إحدى مدارس الغوث، التي صارت الآن مركز إيواء للمقصوفين. من هنا يبدأ العرض المسرحي، ومن هنا يبدأ المخرج يعرض علينا تفاصيل مأساة أخرى، لا تقل ألماً عن مأساة القصف ذاتها، حين نرى الفتاة التي كانت يافعة (حنين)، وقد أصبحت الآن قعيدة الكرسي المدولب، تحيط بها دنيا غزة، التي لم تنج من استثمار بعض أبنائها لمعاناة أبنائها الآخرين.