إنهن كاتبات انصدمن بنمط (ثقافة) الرجل، وبدل البحث عن الاحتماء، فضلن المواجهة والانفتاح والمعالجة والتحري، فتبيّن لهن الرجل الأسطوري مجرد وهم غذّاه الرجل نفسه كاتب الأساطير الذكورية، وأن المنقذ ليس أكثر من "حلمٍ زائل". بذلك عبّرن عن موقفهن برفض عبادة الرجل، حتى ذهب الأمر ببعضهن لحد تصوير الرجل الأسطوري بشكل كاريكاتيري ساخر. كدلالة إلى أنهن لم يعدن يتلقين الاندهاش من صانع الوهم والأساطير.
وكان الرجال يشربون الخمر باعتدال، ثم إذا جاء رمضان، عملوا "تكريزة رمضان،" فشربوا تلك الليلة ما حلا لهم، ثم اغتسلوا وصاموا رمضان من دون كحول، وعادوا إلى الخمر بُعيد رمضان بأيام. وكانت أجمل خمارات المدينة الجميلة التي ولدت فيها، حمص، تقابل جامعا قديما، وما كان ذلك يسبب أية شكوى، حتى قام إسلاميو التكفير بالطلب إلى السلطات فأغلقوا الخمارة. وفي هذا التقابل قال شاعر حمص الكبير عبد القادر الحصني:
رغم قراءتي للنص عدة مرات لم يكن الدخول إلى الغابة بالأمر الهين ، فقراءة الغابة شيء والدخول إليها شيء آخر يختلف ،على باب الغابة علقت لافتة كتبت بخط يد الشاعر ( احتاج أحياناً لمن يشتمني..!!) لا بأس ،دعوة واضحة وصريحة – دعوة هي لإثارة الجدل ، احتاج لمن يثير عقلي وتفكيري ، نحتاج لمن يقرأ ويفهم ، نحتاج لمن يغالط ما نكتب، يرفض ما ندون ،يناقش ما نطرح ، فا لرأى الواحد ليس سوى عطن نعتقه لأجيال أخرى ،
إن الأساليب النسوية في الكتابة بعيدة عن السلوك الإنتحاري. و لو أرادت المرأة أن تقتل نفسها تفعل ذلك بشكل وديع. أن تلقي نفسها تحت عجلات قطار ( آنا كارنينا ) أو تغلق باب بيتها و تنتحر باستنشاق الغاز ( سيلفيا بلاث - و هذه نهاية حقيقية ). و لكن نادرا ما تفتح النار على الأعداء في الجبال و بين المرتفعات ( كما فعل همنغواي في لمن يقرع الجرس).
فبعد الذين كان لهم الفضل في نجاح الثورة ودعم ال أن ثبّت الخميني قدمه في الحكم معلناً نجاح الثورة وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، احتكر السلطة مع أزلامه الموثوقين بعد أن همّشَ أهم رجالات الدينخميني في انقلابه المكوكي. فلم يرضَ هؤلاء الرجال بأساليب الخميني وتفرده بالسلطة الدينية والسياسية في البلاد، إذ قاموا بالانصراف إلى شؤونهم الخاصة مقاطعين الخميني وزمرته، محتجين على ما قام بهِ
تحت الحصار الخانق لم يعد لوئام من إطلالة إلا صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي، "فايسبوك"، حين كانت تستطيع الولوج إليها بشكل متقطع لتكتب يومياتها، "يوميات حمص المحتلة" كما كانت تسمّيها، قبل أن تسمّيها "الذبيحة" في شباط 2012، ثم "المحاصرة" بدءاً من منتصف تموز 2012. إذ كانت وئام حريصة على تأريخ كل ما تنشره على صفحتها، ليس باليوم فقط، وإنما بالساعة والدقيقة أيضاً.
هنا أتوقّف، فلا جرأة عندي علي المواصلة، فجدّنا كان أجرأ في زمنه منّي في مطلع القرن الحادي والعشرين، وأنصح من يرغب في الاستمتاع، والضحك، والظفر بمعلومات لم يسبق أن سمع بها، بقراءة الكتاب، وأراهن أنه سيقرأه ويستعيده مرارا، لا ككتاب (بورنو) لا سمح الله، ولكن كدراسة رصينة لأمراض اجتماعيّة، ما زالت مستشريّة في زمننا، في زمن العولمة، وازدهار تكنولوجيا المعلومات، في زمن الكمبيوتر والإنترنت!
لم يتورع جمال الغيطاني عن توظيف كلا الأسلوبين في نسيج محكم لبنية واحدة. فبالمشاهدة وضعنا في مواجهة خطوط العزل كالجدران و الأسوار و المباني المرتفعة الشاهقة و بالنشاط النفسي قفز من فوق هذه الحواجز و ترك للنفس حرية التجوال في عالم لا حدود له، سواء كان كابوسا مرعبا تقشعر له الأبدان ( ذكر ما جرى و حكايات المؤسسة مثالا) أو حلما أخضر يدعو للتفاؤل و يشجع على الانتظار ( الزويل مثالا).
ثمة من يعتقد ان الرسالة من لبنان الذي كان دوما الساحة المفضلة لدى النظام من اجل توجيه الرسائل عبره الى الغرب قد ادت هدفها لجهة الاقتراع له بكثافة ظاهرية مدروسة ومبرمجة بدليل تعطيل الحركة في العاصمة اللبنانية، على نحو يجب ان يختصر الانتخابات في مناطق سيطرته. وهذه الرسالة هي الاهم باعتبار ان النظام السوري يستفيد من وجود وسائل الاعلام ومن التواصل الذي لن يسمح بحصوله في مناطق سيطرته بل سيكون تحت اشرافه المتشدد
الى الآن، فإن جدارة العائلة المالكة بالحكم تهبط بشكل مريع، بسبب الفشل في الإدارة والفساد والإثرة. فإذا ما أُضيف لذلك الصراع على السلطة، فإن النظام نفسه سيكون مهدداً بالتمزّق والنهاية. حينها لن تكون هناك: مملكة سعودية، بل ستعود الحدود الى ما كانت عليه عشية القرن العشرين الميلادي، إمارات مستقلة ترفض الهيمنة النجدية، والحكم الملكي، والأيديولوجيا الوهابية العنفية المتطرّفة.