و....وصل تحالف حزب البعث مع قوى الأمن إلى السلطة, فكان أول ما قاموا به هو طرد كل العاملين في الصحافة من فردوس الصحافة, ولم يكتفوا بهذا, بل طردوا كل الكتاب والشعراء والباحثين والأكاديميين, ثم لم يشتف قلبهم, فأصدروا حكما بحرمانهم من حقوقهم المدنية, فدمروا حياتهم إلا من كان يملك مهنة أخرى كالدكتور الطبيب عبد السلام العجيلي, أما من لم يكن يملك مصدر رزق آخر, فقد هاجر من سورية إن وجد من يستقبله في السعودية أو المغرب أو لبنان, أو ترك نفسه يغرق في مستنقع الخمول,.... ثم جاؤوا بطلاب الثانوية, أو خريجي دار المعلمين الابتدائي,
عندما تشكل الائتلاف الوطني , كان من المفترض أن تعمل القيادة الجديدة على تجنب الأخطاء القاتلة للمجلس والهيئة , لكنها وبحماقة أشد أعادت إنتاج نفس المشكلات البنوية ضمن الجسد الجديد , وهكذا انتقلت كل العاهات التي قادت المجلس الى الفشل , عادت الى واجهة الائتلاف , فلم تتغير اللوحة وبقيت المشكلة ذاتها , كل الذي حدث أن غرفة الإنعاش الدولية التي أبقت المجلس على قيد الحياة ومن ثم قررت اخراجه منها , تم استبدالها بغرفة إنعاش مجهزة ومدعومة بشكل أفضل , الأمر الذي أعطى الائتلاف قدرة أكبر على الوهم والاستمرار .
في عالم السياسية تجد الأنظمة والمعارضة تتبادل الكذب بنشر الأكاذيب في محاولة لينال كل طرف من الطرف الآخر, عبر تشويه للحقائق وقلب للأمور, فليس ثمة رادع من أي نوع في هذا العالم. ومنذ أن صرّح ميكافيللي بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" حتى يومنا هذا, وكل المتعاطين بالشأن السياسي يعتبرونه مبدأ أول وقاعدة لازبة لا مندوحة عنها. فإذا كانت الغاية "المصلحة" لطرف ما تقتضي فضح جريمة أرتكبها أحد الأطراف, تتحول الأطراف الأخرى إلى مدافعة عن حقوق الحيوان قبل الإنسان والحجر قبل البشر. وإن اقتضت الضرورة "المصلحة أيضاً" طمس جريمة أخرى لحسابات معينة,
والآن أتابع ما يقال عن وديع الصافي، فأشعر بالغثيان لهذه الدرجة من الإسفاف في التعامل مع أمورنا وتاريخنا وذاكرتنا. وصل الأمر ببعضهم للسخرية من الحزن على رحيل وديع الصافي، بل ثمة من تساءل هل يحق لنا أن نحزن أم لا؟ ولا أجد هذا التفكير إلا نمطاً جديدا من التفكير الوهّابي المتخلف حين يطلق الفتاوى بحق الآخرين إذا ماتوا: هل يحق لنا الحزن على الشاعر الفلاني أم لا؟ فإذا كان علمانيا فلا يحق لنا ذلك... وإذا كان وديع الصافي سجل مواقف في حياته مجاملة للأسد الابن والأب فلا يحق لي أن أحزن عليه !!.
لم يعد هناك تكافؤ في رهانات الطرفين، أما التوازن في المعادلة القتالية فيبدو أنه رغم صموده الهشّ بلغ نهاية مرحلة. من الواضح أن نهج التقارب الأميركي - الروسي في تسوية مسألة السلاح الكيماوي سدّد ضربة للمعارضة التي تصنفها واشنطن «معتدلة» ويمكن الاعتماد عليها. ليس فقط بالرضوخ لشروط موسكو في الملف الكيماوي، بل لأن معارضة الداخل بمختلف أطيافها لمست خذلاناً فجّاً في تجاهل مجزرة الغوطتين. سقطت في الداخل كل الآمال والأوهام التي بنيت على الخارج، خصوصاً مع انكشاف أن «صفقة الكيماوي» ترمي إلى التمهيد لـ «صفقة جنيف»،
"وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه. وكان إبراهيم وسارة متقدمين في الأيام، وقد انقطع أن يكون لسارة عادة كما النساء. فضحكت سارة في باطنها قائلة: أَبَعْدَ فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ؟ فقال الرب لإبراهيم: لماذا ضحكت سارة قائلة: أَبالحقيقة أَلِدُ وأنا قد شخت؟ هل يستحيل على الرب شيء؟ في الميعاد أرجع إليكَ نحو زمن الحياة ويكون لسارة ابن. فأنكرت سارة قائلة: لم أضحك. فقال: لا بل ضحكتِ.
أدّت هذه الحرب الى خسارة الضفة الغربية والقدس الشرقية اللتين كانتا تحت السيادة الاردنية قبل الخامس من حزيران- يونيو 1967. توفى ناصر في أيلول- سبتمبر 1970 تاركاً مصر لانور السادات الذي كانت لديه حساباته الخاصة التي سعى في مرحلة معيّنة الى جعلها تتجاوز مصر. لكنّه فشل في ذلك لاسباب مرتبطة اساساً بطموحات النظام السوري الذي منع الفلسطينيين، بعد توقيع اتفاقي كامب ديفيد في العام 1978، من الانضمام الى الى مفاوضات تستهدف التوصل الى حكم ذاتي في الضفة الغربية وغزّة في وقت كان عدد المستعمرات الاسرائيلية في الضفّة محدوداً.
التقط زفايغ لحظة الضعف والشفقة على النفس التي جعلت الألمان يتخلون في سعادة عن الديموقراطية التي تركتها لهم اتفاقية السلام, وكان من مظاهر هذا التخلي صعود عريف في الجيش إلى منصة الرجل الأول في ألمانيا المكروبة كربين, كرب اتفاقية الاستسلام المذلة, وكرب صعود الجار من الدرجة الثانية والذي اعتاد المخيال الشعبي الألماني على التعامل معه في استعلاء, وأعني روسيا التي تغير اسمها باعتناقها الشيوعية إلى الاتحاد السوفييتي, وفجأة ظهرت على السطح طبقة اليونكرز"طبقة صغارالنبلاء المكرسين لنبالة الحرب وهم النسخة الألمانية من الساموراي اليابانية"
تمام التلاوي
"تعال لنشكرَ قاتلنا يا صديقي/ لأنه أخطأنا وأصاب الصبيّ الشقي الذي طالما كان في الحيّ يقلق نومكَ بعد الظهيرة/ ظنّ قذيفتَهم كرةً/ فتصدّى لها بجسارته/ مثلما كان دوماً يصدّ الكرات/ ويصرخ في اللاعبين/ ولكنه الآن فاز بلعبته/ دون أي صراخ على القاتلين/ هو الآن فاز عليكَ وفاز عليَّ ونام إلى أبد الآبدين) ("الصورة سيريا"، تمام التلاوي، من صفحة الشاعر على الـ"فايسبوك").
إن قتل الأب وبمعناه الفرويدي.. والأنثروبولوجي تمّ نتيجة جهدٍ وحاجةٍ مُلحّةٍ وضروريةٍ من أجل النهوضِ بالمجتمع والارتقاء بالإنسان وذائقتهِ وعلى كافةِ المستويات. وكان الفعل الإبداعي الثقافي وبكل أطيافهِ بوابة العبور للحداثةِ التي قتلت الموروث – الأب.. وَنَحَّتْ الكنيسة وفقهاء الغيب من أجل إيقاد الروحِ الوثابةِ الى الجديد.. فتزلزلت المجاهيل والقداسات... فكان جحيم رامبو ولعنة بودلير وأقبية دوستويفسكي شرارات المجتمع المديني الحديث متزامناً مع آلةٍ وتقنياتٍ متطورة /حديثة/.... واختراعات لا متناهية... محيطها الكون وصداها ذائقة وتلقٍ مُرْبَكٍ و... جديد.