مهما يكن من أمر، فإن البداية التي يمكن تتبعها لحضور تيمورلنك في التواريخ، ربما نجدها لدى الكاتب الديبلوماسي الاسباني روي كونزاليس دي كلافيو (المتوفى العام 1412) والذي إثر بعثة سفارة شارك فيها الى سمرقند، عاد الى بلاده ليكتب مطولاً عن فخامة عيش المغول ورفاه الحياة في سمرقند، وبخاصة عما يروى عن حياة تيمورلنك. ومن هذا النص استقى المؤرخ بيرو ميخيا، مواطن دي كلافيو، نصاً آخر حوّل فيه حياة تيمورلنك الى أسطورة. وهذا النص الأخير قرأه الكاتب الانكليزي المسرحي كريستوفر مارلو فبنى عليه في العام 1590 نصه الشعري الحر «تامبرلان العظيم» الذي أصدره للمرة الأولى غفلاً من التوقيع... ومنذ ذلك الحين لم يتوقف الكتاب والشعراء عن استلهام تلك الشخصية وممارساتها في الحكم،
البارحة... يخرج علينا ــ الفتى المدلل ــ الفرخ الرئيس .. في خطاب ديني تاريخي، في مناسبة ليلة القدر، خرجَ خاطباً بالعلماء والحاضرين من رجالات المخابرات والوزراء ورجال الدين الأوصياء! وكأن دمشق فرغت من الواعظين، وعلماء دمشق لم يبقَ منهم سوى ــ الحسون ــ ووزير الأوقاف ــ الغبي ــ وغيرهم من أبالسة! يدعون حبّ الوطن والدين. إذ تشدّق الفتى بفضائل رمضان وكرمه، وشرح عن التسامح، مع إدخال عبارات طنانة عن جيشه المغوار في قتل المواطنين وتدمير سورية مع أهل العمائم من قم وحزب فتى البلازما، ومليشيات الدم من العراق والحوثيين ومرتزقة العالم الخاسئين.
تتشابه مصائر الشخصيات، فهي عندما تحاول التخلي عن الهامش الموجودة فيه، أي مكان سباتها وثرثرتها في اللوحة الخلفية، تبدأ بفعل التمرد «الثورة»، عبر غزو المتن «مقدمة الخشبة»، فتنقل الجمهور مكانياً من المستشفى إلى الزنزانة إلى الشارع... وتظلّ الشخوص الآتية من أماكن مختلفة تحاول أن تقوم بفعل المجابهة، من خلال تجسيدها مشاهد عدّة تنتهي دوماً بفعل القاتل. المجرم يحضر شبحه دائماً، كما أن أدواته واضحة للجمهور.
هل أصبح الحديث في السياسة حديث خرافة؟ وانقلبتْ "الطاولة" على اللغة لهذه الدرجة!! فلا الكلمات تعني معانيها ولا العبارت والمفاهيم التي تخترعها توصلنا فعلاً إلى جذرها اللغوي فنفهم مرادها إن أشكل علينا مبناها. وتمطرنا سماء الراهن من أيامنا بمصطلحات وكليشيهات مسبقة الصنع مجهولة المصدر فننغمر بها, وتطوف من حولنا كلمات تشكل لنا صورتنا عن الماضي والحاضر والمستقبل. فما أن نخرج من "عنق الزجاجة", وهي ليستْ زجاجة نبيذ فاخرة بالطبع, حتى نتصعّد في "سلّم الأولويات", الذي لا يمتّ بصلة إلى سلم االرواتب. ثم نصل إلى "طريق مسدود" أو لا نرى أي "بارقة امل" أو "ضوء في آخر النفق".
في جمعة "دمشق موعدنا القريب"، أي في 25 أيار 2012، قبيل غروب الشمس بقليل، وصل مسلّحون بعضهم يرتدي زياً عسكرياً والبعض الآخر مدنياً - أي شبّيحة علويون طائفيون قادمون من قرى مجاورة- إلى بلدة الحولة بريف حمص، واقتادوا عائلات بأكملها إلى غُرف وقتلوهم بدم بارد، وبعضهم قُتل ذبحاً بالسكاكين أو بحراب البنادق، كما يروي ناجون من المذبحة التي قال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل، إضافة إلى ما كان قد أكده قبلاً ناشطون ميدانيون: إن 49 طفلاً و34 امرأة كانوا من بين الضحايا.
ويلفت المؤلف إلى أنه على رغم وجود مبادئ كلية عامة جاء بها الإسلام في مسألة الحكم، فإن إطارها التاريخي يبرز عدم وجود شكل واحد ومستقر، فلقد حكم الخلفاء الراشدون بطرق مختلفة عن شكل الحكم في الدولة الأموية، وعلى رغم وحدة شكل الحكم بين الدولتين الأموية والعباسية، فإن طريقة تدبير شؤون الدولة مختلفة بينهما، اذ اعتمدت الدولة العباسية على شكل التدبير الفارسي الساساني كما أرست دعائمه الآداب السلطانية، ومن ثم فإن أصحاب الدعوى بأن هناك نظرية سياسية في الإسلام، عليهم أن يجيبوا أين هي دعائم هذه النظرية، ومتى طبقت في مراحل التاريخ الإسلامي،
في تلك الأيام التي تشبه عصرنا, اي أيام الجفاف حيث لاحلم, ولاثورة, ولا إيمان بأن الكابوس الإنساني قد آذن بالانقضاء, وأن أيام الفرح الإنساني قد حانت, ويتنهدأحفاد الثوار, كانواما يزالون يذكرون أيام الجنون الفرنسي حيث لاملكية, ولا نبلاء, ولا كنيسة متسلطة على أعناق الناس, أيام الثورة, ويتنهدون, فلقد أسقطت الثورة الزواج في الكنائس, وأطلقت الحب, وأسقطت الثورة الثروة, فصار خبزي خبزك, وبيتي بيتك, ويتنهدون: لاكهذه الأيام حبث الشرطة تلاحقك وراء كل غمزة لامرأة, ووزارة المالية تطاردك وراء كل قرش كسبته.
في الواقع التاريخي كان الشِّعرُ كتلتين: أولاهما ثمرةً ناضجةً على جذوعِ التاريخ المتحقِّق والذي يمتحُ من جذورٍ عميقةٍ وبعيدةٍ في التاريخ القديم، وهذا الشِّعر يمكن أن نسمِّيه الشِّعر التاريخي، وله شرعيَّةٌ وله جمالياته وله مبرِّراته وأخلاقياته وفلسفته، وهو شِعرٌ منسجمٌ مع الجمال المتحقِّق في التاريخ، وهو في الآن نفسه متعارضٌ مع القبحِ الذي تحقَّق في التاريخ، وما يزال يتحقَّق بنفس الوجه ونفس الشكل ونفس الأدوات، وهذا الشِّعرُ يقع في شَرَكِ التكرار والتشابه والتلاص والتناص، لأنه يمتحُ من تاريخٍ متحقِّقٍ ونموذجٍ تشكَّل واكتملَ؟
كما أنَ الحشد والرعاع قد أثبت أنه يفتتن بالشر والجريمة ولا يبالي المنخرط في الحركة الشمولية بالجريمة أو الشر على العموم، قد يكون هذا تفسيراً لما تمارسه الدولة الشمولية العربية من تحشيد قطاعات معينة من الشعب في خدمة أجندتها الشمولية وفي مواجهة قوة الشعب الثورية بعد بزوغ ثورات الربيع العربي. وإن الأفراد التابعين للدولة الشمولية والمنخرطين في ممارساتها العنفية وغير العنفية يتميزون بالولاء الأعمى والدعم اللامحدود للدولة الشمولية، وتعتمد الشمولية على مبدأ القائد الأوحد والزعيم المقدس، والحزب القائد يعتمد على أقلية منظمة وأغلبية متعاطفة والاعتماد على جهاز المخابرات
لا يعني ما سبق أن الفلسفة الإسلامية تكرار لفلسفة اليونان، كما يرى بعض المستشرقين، بل يقصد بذلك أن فلسفة اليونان، قضاياها ومحتوياتها، شكلت مادة للتفكير الفلسفي في الإسلام، فكانت جزءاً لا يتجزأ من بنيته، ومكوناً جوهريا من مكوناته، دون إغفال خصوصية الفلسفة الإسلامية، انطلاقا من خصوصية واقعها العربي الإسلامي، كما يقول الأستاذ المرحوم محمد عابد الجابري في كتابه (نحن والتراث): «نقل أجدادنا الفلسفة اليونانية، كما وصلتهم، إلى اللغة العربية، وحاولوا التوفيق بينها وبين معطيات المجتمع الإسلامي الدينية والفكرية.