عندما قرر سعيد زيارة أهله في بلده الحبيب العراق الذي لم يره منذ أكثر من عشرين سنة مرّ أمام عينه شريط من ذكريات الطفولة والمراهقة التي افتقدها بشدة، وصلت الطائرة إلى مطار بغداد وأخذته سيارة الأجرة إلى بيت الأهل الذين لم تسعهم الأرض من فرحة اللقاء. وفي غمرة الأحضان والقبلات بين الأهل والأصدقاء لم ينتبه سعيد إلى عدم وجود تيار كهربائي في البيت ولكن وبعد الجلوس في البيت لأكثر من ساعتين إنتبه سعيد إلى هذا الأمر وسأل والده:
جلس بجانبها وقد سرت في كل جسمه قشعريرة وفي رأسه خدر عجيب عندما لامس جسده جسدها واشتم عبير شعرها وعطرها الفواح فاغرا فمه وهو يرمق حمرة شفتيها الممتلئتين ونهديها النافران شبه المكشوفان وهما ينطان من تحت ((الأتك)) الأحمر.ولك هاي شنهو يمظلوم اشو راسك ثكَل ولك انتعلوا اهلك شنهو هاي الحورية الحاطه راسه بحضنك ولك شنهو هاي النهود وهاي الشفا يف وهاي الخدود جنه فرط الرمان والله لأنعل ابو الباجله لابو الباع الباجله..وقد بهره بياض ساقيها وهي تحاول عامدة رفع الأتك عنهما مرة تلو أخرى
يصادفه مطلع كل شمس كأنه منذور به. فيفسد نهاره وطرفا من ليله بمشيته التي تشبه مشية ديك فرّ من خمّه.
يراه يقلب وجهه ردهة اليمين وردهة الشمال كأنه لا يرى أحدا. يراه "يحفر" في جيوبه ، ولفائفه وكتبه ودفاتره ، ويبحث في الصيدليات عن حل أو تركيبة سحرية لهذا الذي لقدميه جذور كجذور شجرة الكينا تشرب من الأرض، وتغوص عميقا، ولساقيه أوراق أخضرها لا يموت تمص الهواء كقبلات عاشق عاد من منفى.يراه يصرّ على أسنانه، بوجه محمر متطاول أعتقه الفرح فيعرف أنه استوطن خيارا بالقتل، فيصيح به ساخرا:
الكلاب الضالة
في شوارع بغداد
ما تزال تتردد
في حزم حقائبها
وترفض الرحيل
الجنس .. مزعج. عبث. كريه!!. وأعلق مبتسمة: واحدة جديدة تشبه في نشأتها نشأتي!!
متوسط العمر هادئاً بكتفين لا مباليين، واضعاً رجلاً فوق رجل، محتلا مقعدا خشبيا وسط الحديقة العامة بكل ثقة على امتداد ساعة ونصف – المدة التي أقضيها في الحديقة العامة- جلس (..) متأملا رذاذ الماء المتناثر فوق العشب الأخضر، وبقربه شابّة.
في وفاض الشكل الأنيق
للخواء المعشّق بالمكان
وخيال الليل المتغزّل بالخرير
والنخيل..
يتحدث التاريخ
أتوق إليك منذ عهود
لتأتي الى
والف ذراعاي حول البيلسان
وألامس قلبك الغمام
فالعيون يا .. عيوني
* ما اسمكَ أيها الشاعر؟
- اسمي الطائر.
* وبعد؟
- السمكة.
* السمكة؟
كنتُ ثملاً عندما قلتُ بأنني أفتقِدك،
ها أنذا أمارسُكِ شهيقًا وزفيرًا،
وها أنتِ كوعلةٍ تتقاطعين مع جسدي والسَّريرْ.
كنتِ تلوحينَ بأناملٍ غيرَ مدركةٍ لما تفعلُ،
وكنتُ أقفُ على مسافةٍ من اليأسِ
أنهم عائدون من بعد الضياع
يحملون أرض الأسى .. وزفير تراب الطرقات
أنهم عائدون كالتتار من فضاء الجنائز
عائمون بتعاويذ الموت
يتنفسون أشواك القهر