في المجمل يمكن القول إن الحرب الأولى كانت حرباً تمازجت فيها "دولة البعث" (بحزبها ومنظماتها الشعبية وإيديولوجيتها التقدمية) مع "سوريا الأسد" (بمخابراتها وفرقها العسكرية الأمنية وإعلامها). حرب اليوم تخوضها "سوريا الأسد" وحدها تقريباً. ولها امتدادان لم يكونا معروفين في الحرب الأولى: الشبّيحة ورجال الأعمال المحاسيب. وهناك معلومات تفيد أن تمويل الشبّيحة يقع على هؤلاء الأخيرين. فهم تالياً جيش طبقة رأسماليي السلطة المدافع عن النظام.
حاوره حسن يوسف
إن تيار الإسلام السياسي بمفهومه المتطرف غير موجود على الساحة السورية. ولا أحد يتحدث عن قيام سوريا إسلامية والجميع متفق على مدنية الدولة والتي ستكون لجميع مواطنيها في الحقوق وفي الواجبات وفي المهام وفي السلطة. هناك ثوابت متفق عليها من خلال الاطلاع على أدبيات المعارضة المنشورة ومراقبة أحاديث ممثليها الصحفية، وهي تؤكد على السعي إلى دولة ديموقراطية مدنية يسود فيها حكم القانون وقيم المواطنة. ومسألة عروبة الدولة لا شكل بأنها واضحة لدى الجميع، ولكن بعيدا عن المفهوم الإقصائي.
لا يسعني الكلامُ عنَّا ولنا، دون مروري على الطّبيعة، فهيَّ البادية وهي النّاهية؛ اَلمْ يقولوا عنها الأم.
خلقتْ الطّبيعة أو "الله عاقلاً كان أمْ غير عاقل" مخلوقاتها، من النّملة، والذّبابة، إلى الفيل، والحوت، مزودةً إياها بتكنيكاتٍ وفنونٍ متنوعة، تسمح لها بممارسة غريزتها في البقاء. ألاَّ يهرب الغَّزال بسرعة البرق، عَسَاهُ يتفادى فكيِّ الأسد، مُستَغِلاً قوة ساقيه الطّبيعيتين؛ ألاَّ تحجبُ السُّلحفاة لحمها الطّري .
وهذا ما حصل في سورية، في اللحظات الأولى للانتفاضة، حيث رفعت السلطة منسوب احتياطها الأمنيّ إلى أقصاه، ولم يكن في نيتها أي حل سواه، ورأينا كيف بدأ الإعلام الرسمي سلسلة أكاذيبه، عبر تشويه صور التظاهر وتكذيب حصولها، ورأينا كيف كان المواطنون يكذبون إعلامهم الرسمي ضمنا، ولكن رغم ذلك كانوا يفتحون التلفزيون دائما على القنوات الرسمية أمام ضيوفهم خوفا، وحين يذهب الضيوف يضعونها على البي بي سي والجزيرة والعربية،
خمسة أشهر مرّت منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية السورية، وبالرغم من كلّ العنف والقسوة الممارسة ضد كتلة المحتجّين السوريين، فأن أيّ شكلٍ واضح وصريح لنزاعٍ داخليّ بين المجموعات الأهلية السورية [1] لم يظهر بعد. مقابل ذلك، فإنّ التوزع الجغرافي/الديموغرافي للمناطق الساخنة والهادئة على امتداد الحدث السوري، يمكن أن يستدلّ منه على وجود نوازع أهليّة في البنية الداخلية لهذه الانتفاضة الشعبية. بين هذين المعطيين ينشأ سؤال بسيط:
إننا كهيئة قانونية من الحامين السوريين الناشطين في مجال حقوق الإنسان في المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية نتقدم من الشعب السوري والأحزاب السياسية والمفكرين وأصحاب الخبرة والمختصين برؤية حول هذه القيم العليا المؤسسة للنظام الجديد آملين أن يتم التوافق عليها من جميع السوريين أحزابا ومجموعات وكيانات وأفراد لنوجه رسالة واضحة للجميع في سوريا والعالم حول رؤية سوريا القادمة بعد التغيير ولنضع أرضية متينة وصلبة لإعادة بناء المجتمع والدولة على أسس دولة لكل مواطنيها
أخذت تعلو في الأيام الأخيرة بعض الأصوات في الداخل والخارج تدعو إلى عسكرة الثورة السورية أو إلى التدخل العسكري الدولي في البلد. هذا بعد خمسة شهور ونصف من إمعان النظام في التنكيل بالشعب السوري، واعتقال وتعذيب عشرات الألوف وقتل نحو 2500 من المتظاهرين السلميين، ومع توفر كل المؤشرات على أنه ماض في هذا النهج الإجرامي اللاوطني، وإلى جانب شعور أكثرية السوريين بأنهم بلا حماية من أي نوع في وطنهم في مواجهة تلك الجرائم.
ومع كوننا نتفهم دوافع الداعين إلى العسكرة والتدخل الدولي، إلا أننا نرفضها بوضوح ونجدها غير مقبولة سياسية ووطنيا وأخلاقيا. فمن شأن العسكرة أن تقلص
المثقفون السوريون أنفسهم الذين كانوا في السابق يعترضون على ذكر ولو حتى أسماء الطوائف، أصبحوا الآن يشيرون إلى بعضهم: مثقف درزي أو علوي أو إسماعيلي أو سني… إلا أنه مثقف يساري!! مثقف ينتمي إلى تلك الطائفة إلا أنه ماركسي….الخ: مثقف ذو بنية طائفية إلا أنه مهيكل بهيكل يساري. وأصبح بكل بساطة هذا المثقف اليساري يتحدث عن الطوائف (التي كان في السابق يستنكرها) ويدافع عن طائفته الدينية، الأمر الذي انعكس على رؤيتهم للأحداث التي تجري على أرض الواقع السوري:
إننا إذ نطرح هذه الوثيقة السياسية , نهدف إلى بلورة رؤى سياسية وطنية عن المرحلة الانتقالية وآلياتها الآمنة والسلمية , وتأسيس أرضية سياسية لعقد المؤتمر الوطني للإنقاذ في دمشق , لكن بأسلوب مختلف يجسد طموحنا وهدفنا في تامين انتقال سلمي للسلطة , عبر آليات وطنية تقود تلك المرحلة الانتقالية , التي نجد بدايتها في إيجاد مجلس تأسيسي منتخب (قدر الإمكان ) , لتكون خطوة جادة و مسؤولة لحكومة إنقاذ وطني مستقلة وتوافقية
أما عن موقفي المقبل من استئناف الحوار فأقول بإنني لن أشارك به إذا بقيت المعارضة الراديكالية في الداخل على موقفها من رفض الحوار. أما المعارضة الخارجية فلا تهمني في شيء، لأن هؤلاء المعارضين الذين حملوا الجنسيات الأوربية و الأمريكية منذ زمن بعيد و اندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة لا يحق لهم التدخل في الشأن السوري بالطريقة التي يفعلونها. يضاف إلى ذلك أن الحوار لن يكون مجديا إذا لم تشارك به قيادات حركة الشارع ، لأن المعارضة بشقيها المعتدل و الراديكالي ليست في واقع الحال إلا تجمعات لنخب مثقفة لا تمثل حركة الشارع