تطرق كرد علي إلى التاريخ متحدثاً عن الشعوبية في الماضي ليوصل بها الحاضر، ومن السهل طبعاً أن نتبين مغزاه من ذلك، إذ إن الشعوبية من وجهة نظره هي «لفظ يطلق على كل من ناهضوا العرب في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب، وقاموا ينتقصون من قدر حضارتهم وتاريخهم»، وتعود اقتباسات كرد علي لينفي عن العرب اضطهادهم للأجناس والشعوب الأخرى، وكأنه يطالب المعاملة بالمثل، فينقل عن ليوتي، الأديب الفرنسي، قوله «وإذا كان فريق من ذوي الأغراض الملتوية يزعم أن الإسلام يبعث على التدمير والفوضى والتعصب، فإني بصفتي رجلاً قضيت بين المسلمين مدة من الزمان في الشرق والغرب ولم أكتفِ بما قرأته عن الإسلام في الكتب، أقول إن تلك المزاعم لا نصيب لها من الصحة».
تُعَدُّ خلخلةُ وَحدة الذّات، والنَّظَر إليها بوصفِها تعدُّداً، من أهمّ خُطوات الفكر المُعاصر الذي سعى إلى مُجاوَزة ميتافيزيقا الحُضور بتحطيم النَّظرة التي ترى أنَّ الذّاتيّة مبدأ مُوَحِّد لكلِّ ما هو موجود، وأنَّ الوعي الذّاتيّ حَكَمٌ وحيدٌ على الحقيقة، والتي كانت مُرتبطةً فقط بما تُقرِّرُهُ الذّات المُتعالية، وما تُسوِّغُهُ وترفعُهُ إلى مستوى اليقين. وهي المسألةُ التي وضَعَتِ الإنسان في مركز الكون بوصفِهِ العقل والأنا والفاعل الإنسانيّ المُفكِّر، والمُتأكِّد المُتيقِّن من هُوِيَّتِهِ، في مُقابِلِ الموضوع بوصفِهِ الشيء الموجود في العالَم الخارجيّ، والذي ينبغي أنْ تتمثَّلَهُ الذّات الواعية حاضِراً أمامَها، ثُمَّ تُطابِقَ بينَهُ وبينَ عقلها وفكرها، في وضع يسمَحُ لها بالتّحكُّم قَبْليّاً به. وهذا الفهم ليسَ سوى تثبيت ميتافيزيقيّ لمركزيّة الذات بِوصفهِا وَحدة شموليّة مُسيطِرة تقنيّاً على العالَم، إذ تتجرَّدُ بذلكَ من بُعدِها التّاريخيّ لتكونَ هُوِيّة مُستقرّة وكونيّة، تطمسُ كُلَّ العناصر التي تُعاصِرُها، وتَسْتَبْعِدُها، لكونِها مركزاً مُتعالياً يُمثِّل المبدأ الواحد والثَّبات والدَّيمومة والتَّطابُق.
عندما كنت مراهقا، أقرأ عن ايروس وسايكي ذات ظهيرة حارة في منزلنا في بوينس آيرس، لم أؤمن بمغزى القصة. كنت مقتنعا أن في مكتبة والدي غير المستخدمة تقريبا، حيث كنت أجد الكثير من المتع السرية، سأعثر، وبصدفة سحرية، على الشيء المدهش الذي لا يوصف والذي ينسلّ الى أحلامي وكان هدف سخرية في ساحة المدرسة. لم يخب أملي. كنت لمحت ايروس خلال إستعراض "الى الأبد عنبر"(3)، في ترجمة بالية لـ "بيتون بليس"(4) ، في قصائد معينة لفيديريكو غارثيا لوركا، في فصل عربة النوم من رواية "الملتزم" لالبرتو مورافيا، التي قرأتها على نحو متقطّع في الثالثة عشرة من عمري، وفي "صداقات خاصة"(5) لروجيه بيريفيت
إن هذا الأمر لا يتوجب أن يكون بالضرورة على هذا النحو فعندما تلتقي صديقتان فإنهن تتحدثان بطبيعة الحال عن الحياة العاطفية أو الجنسية لهما ويتم أحيانا تبادل المعلومات حول أمور تفصيلية حساسة جدا أما لدى الرجال فالمعروف أنهم يتحدثون خلال اللقاءات التي تجمعهم بشكل أكثر عمومية فالرجال على الأرجح يقولون فيما إذا كانت ممارسة الجنس مع هذه المرأة أو تلك كانت جيدة أم سيئة ولا يدخلون في التفاصيل وبالتالي فان النساء لا يتحدثن عن الجنس بشكل أكثر من الرجال وإنما يتحدثن عنه بشكل مختلف.
الوهم الرابع : النساء نادرا ما يمارسن العادة السرية
يصعب القول هنا كم هي نسبة النساء اللواتي يمارسن العادة السرية لان هذا الأمر لا يزال من الأمور التي لا يتم الحديث عنها بشكل واسع ، غير أن دراسة أجريت مؤخرا في هذا المجال تحدثت عن أن 60 بالمئة من النساء يمارسن العادة السرية .
تَعني العدالة الاجتماعية في جوهرها خلق مجتمع عادل أو متساوٍ يكفل معاملة جميع أعضائه بالمثل، ويحترم حقوق الإنسان، ولا يعرف تمييزاً على أساس الانتماء إلى جماعة أو غيرها من أشكال الهوية. بعبارة أخرى، تعني العدالة الاجتماعية توفير المساواة، أو الفرص المتساوية على الأقل، لجميع أفراد المجتمع.
كثيراً ما تركّزت احتجاجات "الرّبيع العربي" على قضايا متعلّقة بالعدالة الاجتماعية. وطالب المتظاهرون بحقوقهم الاقتصادية والسياسية والإنسانية، وبأن تحاسِب الحكومات أولئك الذين ينتهكون هذه المبادئ. وفي البلدان التي شهدت تغييراً لقياداتها ــ بما في ذلك مصر وتونس ــ وعدت الحكومات الجديدة بتفعيل سياسات تركّز على العدالة الاجتماعية. أمّا الأنظمة التي نجت من "الربيع العربي" فمررت إصلاحات أو اتخذت إجراءات أخرى بهاجس أن تتدارك، ولو جزئياً، ما في مجتمعاتها من ضروب عدم المساواة الأساسية.
من اهم رسائله التي اثارت لغطا ثقافيا رسالته التربيع والتدبير وتتكون من ثمانية فصول صغيرة تبدأ بقوله فانظر في مسالمة النفوس مع تقارب منازلها ولم تجاذبت عند تقارب مراتبها ولم اختلف الكثير واتفق القليل ولم كانت الكثرة علة التخاذل والقلة سببا للتناصر؟ وما الفرق ما بين المجاراة والتحاسد وبين المنافسة والتغالب فانك متى عرفت ذلك استرحت منا ورجونا ان تستريح منك وكيف يعرف السبب من يجهل المسبب (1) فهذا الاستهلال يشير الى طبيعة الحوار الكامن في النص، وكيف استثمر الجاحظ السرد لاشاعة روح المناقشة وادامة الاتصال. وهو الذي يورد علاقة النص بالعنوان في هذه الرسالة فيقول:
ويشير الباحث إلى ما تكشف عنه العلاقة بين التصوف والشعرية العربية المعاصرة على مستوى تجربة الإنسان التي بات يعيشها، والتي تتميز بالانفصال والغربة النابعة من انفصال داخله عن خارجه، الأمر الذي دفع به باتجاه البحث عن طرق أخرى للمعرفة كالحب والشعر والحلم . وهكذا فإن البحث عن عالم أكثر روحانية وصفاء وشفافية كان الدافع الذي يقود الشاعر المعاصر نحو تلك التجربة هربا من واقع مادي وسياسي مأزوم، ولذلك برزت وشائج قوية بين تجربة الشعر المعاصر والتجربة الصوفية التي شكلت أداة للتعبير عن مواقف الرفض والتضحية، ما جعل مفهوم الصوفية يتماهى عند هؤلاء الشعراء مع مفهوم التجربة الشعرية المعاصرة.
لقد نال الحلاج حظوة كبيرة في قصر الخلافة، بما في ذلك أم الخليفة، فأثار بذلك حسد جميع المتملقين والراغبين بحظوة القصر، وأثار حقدهم إذ كيف وصل إلى ما وصل إليه دون اللجوء إلى أساليبهم في التذلل، بل على العكس من ذلك كان في غاية الأنفة والعزة، حتى لكأن القصر لا يطلب إلا رضاه.
كان يتحدث بصوت الحق الذي في داخله، صوت فريد لا ينخرط ببغائية الجوقة، فكان لا بد من إسكاته، لأن بنية الأمة كانت من الهشاشة بحيث إنها لا تحتمل التنوع، ولذا لا يمكن أن ترى الوحدة قائمة على التنوع في مثل هذه الحال، أو على تقدير أحوال الرجال على حد تعبير أخت الحلاج في مشهد قتله.([1])
أولى أوجه التشابه بين الشعر والفلسفة تلك الخاصية التي يقدمها لنا تاريخ كل منهما ألا وهي غرابة ماهيتهما. وهذا يعني قدرتهما على التنكر لجميع التعريفات. فعن السؤال: ما هو الشعر؟ لا تقدم لنا وجهات النظر المختلفة للمدارس الأدبية إلا تعريفات صورية؛ كأن نقول مثلا: إنه كلام موزون ومقفى. أو تعريفات نوعية كالواقعية والسوريالية والرومنسية الخ. ولكن عندما يتعلق الأمر بالسؤال عن "الماهية" لتحديد هذا "الكائن" المجهول في عمق كينونته، يظل الفكر عاجزا عن فك طلاسم هذا اللغز المحير، شأنه في ذلك شأن كينونة الإنسان، أو وجود الموجود. فالشعر يبقى والحالة هذه، هو دائما ذلك "العمل الفني المفتوح على كل الرياح، على كل الاحتمالات، والذي يمكننا أن نخترقه صوب كل الاتجاهات"(1)
يؤكد بعض علماء الاجتماع أن رواد الواقع الافتراضيّ ما زالوا يتأرجحون بين القطيعة تارة والتواصل تارة أخرى. إن المتأمل في حقيقة التجمعات الافتراضيّة على تشكلاتها المختلفة، يدرك أن العلاقات ضمنها والانخراط المستمر فيها؛ يؤدي إلى القطيعة على المستوي الاجتماعي، فهذه العلاقات الافتراضيّة تؤدي إلى انقطاع العلاقة مع الأصدقاء، وجار السكن، بل ومع الأسرة أحيانا. وتستهلك وقت الفرد في علاقات تخرج به عن إطار العلاقات الفيزيقية لتسبح به في فضاء جديد هو الفضاء الرمزي (زكي، 2013).