تتميّز أقوال يسوع في الأناجيل الإزائية بأنّها تدور حول الآب السماويّ، وقرب حلول ملكوت السماء والمتطلبات الأخلاقية لدخولها. وهذا يعني أنّ تعاليمه لم تكن تتمركز حول ذاته بل حول الآب وغالباً ما كان يصوغ تعاليمه على شكل أمثال أو أقوال قصيرة، وذلك استجابة لأسئلة يوجّهها إليه التلاميذ أو آخرون من الجمع الفضولي الذي كان يلئتم حوله، ونادراً ما كان يلجأ إلى الخُطب الطويلة المُعدَّة بعناية مسبقاً. أمّا خطبة الجبل الواردة في إنجيل متّى : 5، فإنّ الباحثين في العهد الجديد اليوم متّفقون على أنها من ترتيب مؤلف الإنجيل، الذي جمع أقولاً أصلية ليسوع قيلت في مناسبات متفرّقة، ثمّ نسّق بينها في نصّ مطّرد ما زالت علائم الخلل واضحة فيه. فإذا انتقلنا إلى إنجيل يوحنّا وجدنا أنّ تعاليم يسوع تأتي غالباً على شكل خطب طويلة مفكّكة الأجزاء، وتتضمّن أقوالاً ذات طابع رمزيّ ومجازيّ، موضوعها الأساسي يسوع الابن وعلاقته بالآب، ودوره المرسوم في خطة الخلق. وغالباً ما كانت هذه الأقوال على درجة من الصعوبة بحيث أنّ تلاميذه أنفسهم لم
خاص ألف
الصورة ذلك الكائن الوجودي المعبر عن واقعنا بل المغير لواقعنا كما يراه(موللير) إذ أثرت على إدراكنا الذاتي وطبيعة رؤيتنا للأشياء من حولنا، كما إنها استطاعت أن تبث الحياة في لحظات الزمن الثابتة،لذا فهي تعتبر اليوم كنظام اتصال بين البشر إضافة إلى النظم الأخرى فتوغلت في جميع مجالات الحياة حتى أصبح الإنسان لا يمكنه العيش من دونها بل عدها(ابيل غانس) العصا السحرية الموجودة في كل كاميرا،وإذا كان للصورة هذه الدرجة من الأهمية في حياتنا اليومية فكيف يمكننا أن نفهم لغة الصورة،وهل تعد الصورة لغة تداولية بين البشر؟
بداية يمكن تقسيم العلامات التخاطبية بين البشر إلى علامتين هما العلامة
لقد كان في حوزة مؤلّفي الأناجيل المتضلّعين في الأسفار التوراتية مجموعة كبيرة من المقاطع الكتابية، التي كان الاعتقاد في زمنهم سائداً بأنّها نبوءات عن مسيح آخر الأزمنة، حاولوا من خلالها رسم سيرة ليسوع تنطبق عليها هذه النبوءات، ولو على حساب ابتكار بعض الأقوال المنسوبة إلى يسوع أو بعض الأحداث في سيرته. وإليكم فيما يلي قائمة بأهمّ النبوءات وكيف طبّقها الإنجيليون على حياة يسوع :
1 – سيكون وارثاً لعرش داود أبيه :
* " لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفيه، ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً، أباً أبدياً، رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحقّ والبرّ من الآن إلى الأبد". (إشعيا 9: 6-7) .
ومن ناحية ثانية، رغم أنّ محمّد نفى عن نفسه "تهمة الشاعر" إلا أنه كان يفهم تماماً كيف يقال الشعر وكيف ينظم نظمه… كيف لا وهو العالم والحافظ لكثير من الأبيات أو القصائد الشعرية. تخاطب عائشة حسان بن ثابت مرة : "كان رسول الله (ص) كثيراً ما يقول "أبياتك" (2). ورواية أخرى تثبت أنه وقف مرّة على خطأ في الشعر ثم صحّحه أثناء جدال دار بين سودة وحفصة وعائشة : "أنشدت سودة: «عدي وتيم تبتغي من تحالف» فظنت عائشة وحفصة أنها عرّضت بهما. وجرى بينهن كلام في هذا المعنى، فأُخبر النبي (ص) فدخل عليهم وقال : يا ويلكنّ! ليس في عديّكنّ ولا تيمكنّ قيل هذا، وإنما قيل هذا في عدي تميم وتيم تميم(3)". ومن ضمن ما كان يقول محمد من أبياته الشعرية، نقرأ له مثلاً في معركة حنين (مع ملاحظة أن هذا لم يأخذ مكاناً في القرآن رغم أنه لا ينطق عن الهوى، فكل ما يتفوّه به هو وحي يوحى):
"يحكى: أنه سمع أعرابي قارئاً يقرأ «يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم» قال كسرت إنما قال:
يا أيها الناس اتقوا ربكم ….. زلزلة الساعة شيء عظيم
فقيل له: هذا القرآن وليس بشعر"(2). هل كان العربي ساذجاً حينها إلى هذه الدرجة حتى لا يستطيع مجرّد التفريق ما بين القرآن والشعر؟
في الواقع بقدر ما تتضمّن عملية البحث في تتّبع وتقصّي علاقة محمد الأنطولوجية بالشعر من أهمية في هيكلته للقرآن، بقدر ما هي غامضة وشائكة، وبنفس الوقت خطرة كونها تعرّض القداسة "المفترضة" التي اكتسبها القرآن لسهام النقد، وتستجلي أبعاده المتشعبة والقارّة في ثنايا تلك البيئة التي أفرزته وكوّنت تلك الأبعاد، والتي يمكن أن
في متابعة لما بدأناه* من ضرورة ربط السنّة النبوية بالعقل والمنطق قبل الأخذ بها على عواهنها، نتابع هنا بدراسة حالة أخرى لحديث نبويّ يثير جدلا بين المتابعين والدارسين لأحاديث النبيّ.روى البخاري ومسلم وغيرهما حديثا عن النبيّ بروايات مختلفة ومضمون واحد، وأكثرها شيوعا في الكتب الإسلامية، هي الرواية التالية: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إذا سمعتم أصوات الديكة فاسألوا الله من فضله فإنّها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوّذوا بالله من الشيطان فإنّها رأت شيطانا." وصنّفه الجميع حديثا صحيحا". (راجع الجامع الصغير للسيوطى حديث رقم 4259 صحيح). نحن هنا أمام حديث غريب لنبيّ أسّس دينا عظيما يدين به اليوم أكثر من مليار بشري. ولسوف يكون من الصعب أن نتخيّل مجلسا كان به النبيّ، فسمع نهيق حمار قريب، فشعر بالانزعاج، ثمّ استعاذ بالله وأمر أصحابه
منذ الأشهر الأولى لكرازته، وبعد سماعه خبر مقتل يوحنا المعمدان، ابتدأ يسوع يتنبّأ أمام تلامذته بأنّه سوف يعاني آلاماً شديدة في أورشليم ويُقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم. وقد كانت النبوءة الأولى في مدينة قصيرية فيلبس بعد أن تعرّف عليه بطرس على أنه المسيح : " فسأل في الطريق تلاميذه : من أنا على حدّ قول الناس؟ فأجابوه: يوحنا المعمدان وبعضهم يقول إيليا وآخرون أحد الأنبياء. فسألهم : ومن أنا على حدّ قولكم أنتم؟ فأجاب بطرس: أنت المسيح. فنهاهم أن يخبروا أحداً بأمره. ثم بدأ يُعلّمهم أنّ ابن الإنسان يجب عليه أن يعاني آلاماً شديدة، وأن يرذله الشيوخ والأحبار والكتبة، وأن يُقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم. وكان يقول هذا القول صراحة، فانفرد به بطرس وراح يعاتبه (وفي ترجمة أخرى ينتهره). فالتفت فرأى تلاميذه فزجر بطرس قائلاً : اذهب عنّي يا شيطان، لأنك لا تهتم بما لله بل بما للناس." (مرقس 8: 27-33). /
فقُلتُ: كَذَبْتَ فإنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أقرأنيها على غير ما قَرَأْتَ. فانطلقْتُ به أَقودُهُ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقُلْتُ : إنّي سمعتُ هذا يقرأُ بسورةِ الفرقانِ على حروفٍ لم تُقرِئْنيها. فقال : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أَرْسِلْهُ (اتركه) اقرأ يا هشامُ. فقرأَ عليهِ القراءَةَ الّتي سمعتُهُ يقرأُ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كذلك أُنْزِلَتْ ثمّ قال اقرأْ يا عمر، فقرأْتُ القراءَةَ الّتي أقرأني. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كذلك أنزلتْ إنّ هذا القرآن أنزلً على سبعة أحرفٍ فاقرؤوا ما تيسّر منه". كما أورد أيضا ما يفيد بأنّ عبد الله بن مسعود قال أيضا : " … سمعت رجلا قرأَ وسمعتُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأُ خِلافها فجئْت به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأَخبرتُهُ فَعَرفتُ في وجهه الكرَاهِيَةَ وقال: كلاكُما مُحسِنٌ ولا تختلفوا فإنّ من كان قبْلكم اختلفوا فهلكوا".
"إنّ العقيدة هي شرّ ما يملكه أهل العلم وهي الرقيب الداخلي الذي لا يقل سوءاً عن الرقيب الرسمي، والمسؤولة عن تكوين الوجدان القمعي للأفراد ومصادرة حرية الضمير. وهي إذا كانت مفيدة لتحريك الجمهور في منعطف تأريخي معيّن يجب أن تبقى في منأى عن العقل الباحث لئلا تكون كما يقول الغزالي حجاباً يمنع من النظر إلى حقائق الأشياء". هادي العلوي(1)سياسي أم ديني؟ أم بنية سياسية دينية Political Religious ومخيالية واحدة ومجتمعة كان ينطلق منها محمد؟ ليس من السهل الإجابة على سؤال إشكاليّ مثل هذا، تنبع أشكلته المعرفية من خلال ضوء الحقل الإبستمولوجي الذي يتناوله، سواء بواسطة أدوات أنثروبولوجيا الدين أو علم النفس الديني Religious Psychology؛ خاصة إذا كان القلم الذي يتناوله متلوّناً بألوان إيديولوجية تنطلق من بُعْد
أسباب النزول، عند عديد الفقهاء والباحثين الإسلاميين، هي الشروط التاريخية التي تنزَّل بها القرآن على النبي. وهي تقدّم للقارئ، كما يقول محمد أركون، معطيات عن حال الثقافة وملامح المجتمع في الجزيرة العربية. عن ابن عباس قال : لمّا نزلت الآية "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ" (الشعراء: 214)، خرج النبيّ حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه، فاجتمعوا إليه فقال : "أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدّقيّ؟..إلى آخر الحديث المعروف، فقال أبو لهب تباً لك، ألهذا جمعتنا، ثمّ قام، "فنزل قوله تعالى "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ."وعن عبد الله قال: "إنّي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو متّكئٌ على عسيب، فمرّ بنا ناس من اليهود فقالوا: سلوه عن الروح، فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون، فأتاه نفر منهم فقالوا له: يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت، ثمّ قام، فأمسك وجهه بيده على جبهته،