تدخل برزة في ذلك اليوم، كما في معظم الأيام، بما يشبه حظر تجول. يختفي الناس من الشوارع والأزقة، وتُغلق المحال، وتوصد الأبواب والشبابيك، وتُرخى جميع الأباجورات خوفاً من الرصاص المتطاير، ولا يبقى يغطي الإسفلت إلا جنازير الآليات الثقيلة وإطارات السيارات ذات اللوحات الخضراء وبساطير العسكر والطلقات الفارغة.. بالإضافة إلى البطة الفوسفورية السمينة التي راحت تنازع القطط المشردة على تقاسم طعام الحاويات وهي تصيح بأعلى صوتها، الذي يقال إنه لا صدى له..
من خلف النوافذ، ظل سكان برزة يسمعون صوت بطبطة البطة لساعات.. ثم انقطع كلياً لأسباب مجهولة
ولستُ أدرى ماذا يُشين داعيةً من الزواج، على سُنّة الله ورسوله؟! إنما ما يُشينُ الداعيةَ الإسلاميّ، ويُشينُ أىَّ إنسان، هو الكذبُ والتدليس واختلاق جريمة وهمية، لتغطية جراحة تجميل «حلال»، والافتراء على أبرياء كاد يُزجُّ بهم فى ظلام السجون، وترويع الناس، والهتاف بعد كل هذا: «اللهم أحسِنْ خاتمتى!» ثم يردف «الداعيةُ أنور» بكل ثقة وسؤدد وتهديد ووعيد: كان لابد اتخاذ إجراء قانونيّ ضد «سما» (قالها برقّة)، وضد أىّ حدّ (قالها بغلظة مع تشديد حرف الدال فى كلمة: حدّ،
سطرتُ هذه المعلومات، باستثناء قصة الفارس الأندلسي طبعاً، وذلك حفظاً على السمعة العطرة، وإيماناً بتنقية تاريخنا من الشوائب، وعلى مبدأ النعامة ودس الرأس في التراب ... ما يهمنا هو أني سطّرتُ هذه المعلومات على ورقٍ أصفر لأتأبط ملف "الرز العربي" وأنطلق في رحلةٍ طويلةٍ أزور فيها حركات "التحرر واللاتحرر" التي يعج بها هذا العالم. وفي كل بلدٍ "أجنبي" أحلُ فيه كنت أعرض، على جمهور المثقفين، أوراقي الصفراء لأشرح لهم بحماسةٍ دور العرب الرائد في اكتشاف الرز وبلغة "عربية" صرفةٍ وجزلةٍ وغنيةٍ بالتعابير القحطانية مع نكهة عدنانية
ليس غريباً ألا تعترف دول العالم بمجلسنا الوطني كممثل شرعي للشعب السوري منذ عام من الانتظار، فنحن بكل بساطة لا نستطيع أن نعترف بشخصٍ يعاني من انفصام في شخصيته، إذ كيف يمكن لنا أن نحدد هوية المريض طالما أن في داخله شخصان مختلفان متفاوتان؟ كيف يمكن لنا أن نقول عن هذا المريض بأنه فلان في حين أن في داخله فلاناً آخر!، في هذه الحالة لا ينبغي علينا سوى الانتظار إلى أن يشفى من مرضه حتى نتمكن من الاعتراف به، وإن جازفنا واعترفنا به رغم مرضه، فإنه يجب علينا ألا نستغرب إذا تلقينا اتهامات من العالم بأننا مجانيين!!.
من جمعة لجمعة:
عندنا نحن المسلمين، عموماً، يُسمّى المولودُ الجديد " جمعة "، فيما لو أنجبته أمه في هذا اليوم، المبارك. إلا أنّ لعنة، ولا ريب، قد أحاقت بكلّ من وُسِمَ بهذا الاسم، منذ الخامس عشر من آذار 2011.
" بدّك حرية، واسمك جمعة كمان؟؟ "، كذلك سيصرخ الشبيحُ، أو رجلُ الأمن، عند أيّ حاجز مُفترض، وهوَ يلوّح بيده البطاقة الشخصية للمعنيّ، المسكين، الواقف بمقابله
الأوّل : قانوني الذي كان في الإدارة المركزية للرقابة والتفتيش ، اعتقدَ أن من واجبه أن يحافظَ على النزاهة في العمل ، والعدل في الحياة . كان مصيره خمسة آلاف ليرة تقاعد بعد إنهاء خدمته في وقتٍ مبكّرٍ ،هذا حوّله إلى مرحلة متقدمة على النبوّة .
الثاني: كان مدير إداري في حقول الرميلان ، وعندما صار استفتاء للرئيس في الثمانينات . أرسلوا له صديقه ليحذره إن لم يذهب إلى الاستفتاء سيخسر عمله ، ولم يذهب . أقيل من عمله . بقي كما كان نبيّاً
يا جماعة ... يا ناس ... يا هو:
كيف تستطيعون إغماض عيونكم ليلاً و أنتم تعرفون تماماً ماذا يحصل في البلد؟؟!!
فيا سوريي البلد أينما كنتم في الداخل أو الخارج ...و يا سود و يا بيض و يا رماديين ... و يا صامتين ... و يا مزعبرين .... و يا غوغائيين ... و يا فهمانين
و يا معارضي و مثقفي و سياسيي البلد اتحدووووووووووووووووا، و خففوا الحمل و العبء عن ثوّار البلد
أهمسٌ للقمر أن ينخفض قليلاً
كي يقيم الصلاة على روحي.
خذوني إلى مراقد الطير
وقصّوا جناحي
خذوني إلى الجبال
انطلاقاً من هذا التقييم، وبمساعدة أبواقهم المحليين ونصف المحليين، وبدعم حلفائهم الجبهويين ونصف الجبهويين، وبمؤازرة أزلامهم المحكومين بلقمة عيشهم وأوهام الآخر المتربص الحاقد، أطلقوا العنان إعلامياً وميدانياً لسعير طائفي ما انفكوا يغذونه سراً وعلانية منذ وثوبهم على الحكم، ووجّهوا إلى المنتفضين المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية شتى أنواع التهم التخوينية، وأطلقوا الرصاص الحي على صدورهم العارية بذريعة أنهم عصابات مسلحة وتكفيريون وعملاء وخونة مأجورون،
إذن نحن أمام استثمار سياسي رهيب للاجتماعي التاريخي في طبيعة تكون المجتمع كتنوع وتعدد واختلاف في طوائفه ومذاهبه واثنياته ...فيضع كل ذلك على فوهة البركان معلنا إما القبول بالطاغية أو الحرب الاهلية . وفق هذا المنطق في ممارسة الحرب كامتداد لغياب السياسة هل يمكن أن نتصور امكانية وجود حل سياسي غير الإبادة والمجازر الجماعية . لهذا نرى أن الحل السياسي لانصهار المجتمع في مكوناته المختلفة والمتنوعة والمتعددة هو في حل التغيير أي نجاح الثورة بإسقاط النظام الشيء الذي يسمح بالحديث عن الحل السياسي الحقيقي