بعدما اختلط الثلج بالفحم، وانطفأت النار بالبرد، مرتعشاً بجنون اللهفة على شفّة الماء، وانساب الموج مبتعداً لمحيطه، يغوص في حنايا الصخر تحت الروح، وقبل التقوى نامت على هدب شمعة تتلذذ بالعتمة، وتداعب ظلامها داخله. في حلم ينشق كانبلاج الصبح ويتداخل في ذاكرة التاريخ منسلاً عبر متاهات الحاضر إلى ماضٍ هو ماضٍ في تفاصيل اندهاش الصوت ارتقاءً لسماء وردية تلوح مبتعدة ... مبتعدة إلى ما لا نهاية. هناك اختبأ خلف السطور ضوء خفيف لقمر ناعس وهناك وارت ظلها
فاحت مني رائحة حريق
أشك أن أحدهم يلاحق أنفاسي محاولا التسلل لتفاصيل
المسافات المُجتازة في أبعادي محاولا تقشيري وتقطيعي
ليمسك بنواة المشهد
عما ينقب هذا بي ؟
عندما التقيا كان يـَفصِلهما سيجارة. . أحرقها بكاملِ الأناةِ والتـَأمُلِ، على مهلٍ حتى ثـَمِل، الآن ينظـُرُ في عُمقِ عينيها وهو يستـَمع للكـَمّان، كلما أخذه بعيدا عنها، عادَ وأسقـَطه عندَ حدِ قـُبلةٍ على شَفتيها. اللحنُ تـَجاوَزَ تفاصيلَ الوقتِ والمكان ورَجَعَ به إلى حيثُ التقاها، عندَ قدمِ البَحر، ابتدأ " لا تـُصدقي صورَتكِ على سَطحِ الماء"
قالت: " ثق بالبحرِ وهو يشهَدُ عُريَ المواسمِ من صُوَرها
أتى " أبونا " إلى منزلنا مرةً .يباركُ لنا أيضاً.
قالَ : جئتُ لتقديم الشكرِ نيابةً عن المسيحيين الذين أنقذهم جدّكم من القتل في المجاذر التي تمّت في ماردين .
أخرج كتاباً. قرأ فيه أسماءً ساهمت في حماية المسيحيين، أتى على ذكر اسم : "عبد الرزاق الجلبي دباغ المعروف بابن الويل" كان مسؤولاً في ولاية ماردين، وساهم في حقن دماء المسيحيين من المجاذر في تركية ،
هل صحيح أن المتظاهرين يتلقون نقوداً مقابل المظاهرات التي تخرج، وأن كل واحد منهم يأخذ ألفي ليرة سورية كلّما خرج في مظاهرة؟؟
قالا وبكل ثقة: هل يبيع أي شخص في العالم حياته مقابل ألفي ليرة أو مليون ليرة؟!
ثم تابع الشاب الذي بجانبي وقال: مدام عفواً ... انظري .. و أشار هنا إلى حذائه الذي بدا مهترئاً وقديماً وشبه تالف ... لو كان الأمر كذلك لاشتريت واحداً جديداً
في حيّه، حيّنا، حيّكم، ما يزال أصحاب الخوذ والجعب والقطع المعدنية يحتلون الصباحات، ويسارعون لملء الجدران بالشعارات الكلاسيكية وكلمات العبودية المجانية، أما في الليل فيظهر أحمد من مكان ما، ويمحو ما غصت به النهارات المخادعة من هراء، ويعيد للشوارع بهائها بتسطيره كلمة "حرية" على كل جدار، وعند كل منعطف، وفي واجهة كل دكان.. بعض الأطفال يؤكدون أنه أصيب حتى الآن بألف رصاصة في الكمائن التي نصبت له، لكنه لم يمت.. ويصرون أنه لن يموت أبداً.. وذات نهار قريب ستكون كلمة "حرية" منقوشة على كل الجدران، ولن يجرؤ أحد على محوها حتى الأبد
اليوم هو عيد ميلادك يا بنتي.
اليوم تكملين سنواتك الثمان, وتتابعين تبديل أسنانك اللبنية, و تصبحين أكبر, و أنا أتمنى أن أراك تكبرين أيضاً و أيضاً, و تخطين بيديك مستقبلاً أكثر اشراقاً مما تستطيع أي أم في العالم ان تتخيل .
اليوم ,بعد أن ضفرت لك ضفيرتيك و عانقتك, سألتني فيما اذا كنا سنحتفل,و كنت تعرفين الجواب لكنك كنت تأملين حتى اللحظة الأخيرة بغيره. و رغم الرجاء الذي كان يشع من عينيك, و نظراتك المعلقة على شفتي,خذلتك,فنحن لن نحتفل يا غالية
يا أمي رد عليي ..دخيلك يا الله ... أبوس رجليكم أسعفوه" .. صرخات أم الطفل ساري الذي استشهد يوم أمس في حمص لو سمعتها الجبال لتزلزلت أمام جلال هذا الألم العظيم، وكم أم في بلادنا استغاثت "أسعفوه" ولم يسمع استغاثتها أحد؟ بل كم شاب فتك بجسده رصاص أعمى وكان بالإمكان إنقاذ حياته لو أنه فقط تم إسعافه ؟ .
أم ساري صرخت مستصرخة الضمائر الحية فمزقت قلوبنا وأقضت مضاجعنا..
والجيش الحر بالانضباط الذي أظهره لحد الآن، يبدو المرشح الأكثر حظاً ليكون الجناح العسكري للثورة والصدر الرحب لجميع من يرغب بالانشقاق عن الجيش او اجهزة النظام، فيصبح حاضناً لهم وحاميا لهم من القتل بداعي الانشقاق ورفض الاوامر.. ولكن على ان يلتزم بدوره في حماية المناطق المحاصرة والمظاهرات السلمية.. وأن يكون مدافعاً لا مهاجماً في معركتنا مع النظام.
2- السيناريو الآخر الأقسى، هو التدخل العسكري الخارجي، وهو حل يبدو سريع النتائج كبير الكلفة، مدمر للبنية التحتية للبلد.
عندما تهبّ علينا الذكريات . ننسى آلامنا . نرى أنّ أمكنتنا هي فرحٌ
ليس كلّ الأوطان جميلة . . بعضها تشيح بوجهك عنه . .
عندما ينتابني الخوفُ أتذكّرُ وطني الذي حملتُ خارطته كمكانٍ لتدمير الإنسان منذ الولادة .
أسطورة زيف كبيرة قدمت لنا . في صورةٍ حبّ للأشخاص وعبادة للأصنام .
في وطني تلدُ النساءُ رعباً ، ويتمسكُ الرجل بخيانته . كي يثبتَ أنه من أبناء الوطن .
عندما أرى ابتسامات الأطفال في بلاد الغربة . أتحسّرُ لماذا لم يكونوا أطفالي