ضجيجٌ يصمُّ أذنيَّ ينادي بالحريةِ للمرأةِ . أبحثُ عنها- أعني الحريةَ - في قواميسِ لغتي . لا أجدُ فيها سوى اسمَ جاريةٍ أحبَّها خليفةٌ ، أو عبدةٍ تزوجَها كريم ٌكنوعٍ من الصدقةِ . وربما المرأةُ في غفلةٍ عن هذا . فمن يخضعُ للظلمِ يتعودُ عليهِ ويعتقدُ أنَّ هذه هي الحالةُ الطبيعيةُ في الحياةِ . يقولونَ الشعاراتِ عن الفرحِ والسعادةِ . وأصدقُّ ، فأسعى إليهما وأرى أنّ كلَّ أيامي محكومةٌ بالشقاءِ . أنتم سببُ وجعي و علَّتي . الفرحُ محكومٌ عليه بالموتِ وفقَ شريعتي . والمرأةُ كائنٌ ُيستدعى عندَّ الحاجة . ُيطردُ ساعةَ يشاءُ الرجلُ . ربما بصفعةٍ . ترغبونَ أن تكونَ المرأةَ رجلاً يحملُ السيفَ تارةً ليحاربَ من أجل اللقمةِ ، و تارةً أنثى تجيدُ الدلالَ و الغنجَ و الخفةْ . أصغوا إلي مرةً . الأمرُ سيطالُكم إن لم تسمعوا نصيحتي . أنتم تواجهون أنفسَكم بمواجهتي ، لأنّني أمٌ لكم ، وأختٌ وزوجةٌ وملهمةٌ ، وابنةٌ يحتاجُها أبٌ في يومِ محنةٍ .
توغَّلُ في الماضي قليلاً، خُطوتان أو ثلاثْ، أتأملُ جدتي من بعيد، وجهها المجعَّد كقشرةِ الشجرة، ظهرها المحني على هيئةِ الركوعِ عندَ العبادة، ابتسامتها التي لا أذكرُ مِن وصفِها سوى البراءة.. أتأمُلها وهي تحملُ بينَ يديها رغيفاً وتخرجُ إلى الحوش، شتلةُ بصلٍ خضراء مِن هنا، وطُمطمٌ نِصفُ أحمر مِن هناك، وحُزمةُ نعناعٍ مِن طرفٍ آخر، وانتهى الأمر..أُناديها مِن بعيدْ، مِن كوةِ بيتنا الطيني، جدتي! ألا تأكلين؟ لقد بردَ الأكل، فتردُّ: لقد أكلتُ يا ولدي، لقد أكلتْ..سألتُها ذاتَ مرة بنبرةِ المداعِب: لم يبقَ أمامكِ سوى أيام معدودة وتودعين العالم، هلاَّ اختصرتِ لي الحياةَ في جملة ؟ قالتْ، وهي تشيرُ بإصبعها إلى كيسها المحشو بالتبغ:" لفافةٌ واحدةٌ في خلوةٍ مع النفس، لا أُبدِّلها بأموالِ قارون "، لم تكنْ قد سمعتْ بأموالِ أحدٍ سوى قارون......
لا شيءَ يقصيني عنكَ في منامي .. سوى سحر فصولي فيكَ .. هكذا أنا .. أرتبُ الحكاياتِ القديمةَ .. وأصعدُ .. أهيئُ لك شايَ المساءِ .. وتهيئُ أنتَ لي صعودَ الصباحِ. أناديكَ صحوتي .. وتناديني غيمتكَ .. نقّلبُ الكلامَ على جمرِ النهارِ... وأتبعُ نحوي بصركَ .. لأنامَ فيكَ كميلادي .. فقط .. لو أنكَ لي .. وأغني: نادني نادني لو أنكَ لي .. لصارَ نشيدي قُبَلاً أتبعها وتتبعني إليكَ .. كحُلمِ الملائكةِ في الثباتِ على أرضٍ . وردٌ كثيرٌ يرقصُ بين سماءين عرفتهما عن قرب ، بحُكمِ أني أقتفي أثركَ لتلملمه ، وبحقيبةِ الوقتِ تضعُ القبلَ .. لتخرجها متى تشاء . أدنو بهدوءِ فراشةٍ .. أختبئ في سترتكَ .. أغتسلُ في قلبكَ كريحانةٍ لأشفى من اللوثانِ ... هكذا أبتكرُ حضوركَ في غيابكَ ، وأغنِّي طوالَ الوقت في النهرِ : نادني .. نادني.
يا الله لو أنكَ لي ... لكانت يداي مضتا في الأرض حرقاً ،ولأصبحَ طعمُ الخبزِ شراراً ، ليستفيقَ
الكتابةُ الإغراءُ، النشوةُ العارمةُ واللذةُ الخالصةُ التي ترنو إليها الذاتُ في لحظاتِ الإنفرادِ والتوحّد والغوص في سراديب اللغة الإيحاء، وهمس القصيد الذي يشعل حرقة البوح والقول.
عندما نكتب فإنّنا نتهيّأ إلى سفرٍ يأخذنا حيث أعماقنا وحقائقنا، حيث التأمّل والدهشة الجارفة إلى فرح منتظر، وحلمٍ يحبو ويكبر في دواخلنا بكل عنفوان كلّما انبجسَ ذلك الطيفُ المعانقُ لذواتنا والذي يسمى إلهام.
عندما نكتب نخلق استثناءً وعالماً خاصاً مطوّقاً بأحلامنا، وبأفراحنا، وبأشواقنا لتلك اللذة التي تظلّ .
راسلتني قبل أسبوع محررةٌ أدبية تعدُّ أنطولوجيا شعرية عالمية، تستأذن في تضمين بعض قصائدي المترجمة لتمثّل جزءًا من الصوت العربي. رحبتُ. فسألتني إن كنتُ أمتلك حقَّ نشر الترجمات. فأجبتها بأنني أظن ذلك، بما إن مترجمي مهرجان روتردام الشعري، الذي شاركتُ فيه قبل أعوام، قد ترجموها من العربية لتُنشر في منشوراتهم آنذاك، ثم نُشرت بعد ذلك في الصحف الهولندية. فأجابتني بأن القانون "مفيهوش أظن!"، ومن ثم راسلتْ هي المترجمَ ورئيس المهرجان المذكور، لتستأذن في نشر القصائد بكتابها. يحدث هذا بينما القصائد قصائدي؛ لكنها الآن، في صورتها المُترجَمة، أصبحت ملكيةً مشتركة بين المترجم
في يومٍ من الأيامِ كنتُ مريضةً ، وأتى لزيارتي صديقُ أبي . كان يعرفُ مدى ألمي من أيامِ المخلوطةِ ، فطالما شكتْ لهُ أمي عدائي معَها . تحدّثَ لي عن حكايتِه معها -أعني المخلوطة- . كان يرغبُ أن ُيدخلَ السرورَ إلى قلبي معَ أنّ القصةَ حقيقيةُ حسبَ ما يدّعي. قال لي : " في أحدِ أيامِ رمضانِ دعاني صديقي ، وهوَ تاجرٌ من مدينةِ حمصَ إلى مائدةِ الإفطارِ . كانَ قبلَ ذلكَ يدعوني إلى الإيمانِ حيثُ يصفُني مازحاً "بالزنديقِ " . لبّيتُ دعوتَهُ ، فمصالحي الماليةِ تقتضي ذلكَ
/* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} ينهارُ كُلَّ يومٍ بُرْجٌ جديدٌ في السَّماءِ، وتقومُ "نجلاءُ" بِإعادةِ بنائِهِ، ويتهافتُ النَّاسُ، وبِخاصَّةٍ الصَّبايا والنِّسوةُ، على نَبْرَةِ صَوْتِها المهموسِ العَذْبِ والدَّافئِ المُتَدَفِّقِ رِقَّةً عَبْرَ المِذياعِ؛ لِيأخذُوا قِسْطَهُمْ مِنْ نشرةِ الأبراجِ الَّتي تذهبُ بِألبابِهِمْ، نِساءً ورِجالاً، وهُمْ يُنصِتُونَ إِليها، مُنتظِراً كُلٌّ منهُمْ بِشَغَفٍ لِيأتيَ دَوْرُ بُرْجِهِ، مُتَلَهِّفاً بِاهتمامٍ وتَرَقُّبٍ إلى مَا ستقولُهُ "نَجْلاءُ".!. " شِبِّيكْ لِبِّيكْ، نَجْلاءْ بينْ إيديكْ."!.
غالباً ما تبدأُ الصُّبحيَّةُ في التَّاسعةِ إِلَّا رُبْعَاً، بعدَ إِحضارِ الماءِ، وجَلْيِ الفناجينِ
أكرهُ الحجابَ بكافة أشكالهِ، سواءٌ كان نقابا ً أو غطاء ً تلفُ المرأةُ فيه رأسَها كعصابةٍ، خصوصا ً حجاب المرأة الشاعرة، فما بالك لو كانت تلك المرأةُ تكتبُ قصيدةَ نثرٍ دون سواها .. اختارت المرأةُ الشاعرةُ قصيدةَ النثرِ كأحد أكثر الأشكالِ الفنية انعتاقاً وتمردا ً وحرية ً، في حين استَسلَمَتْ هي أو أسْلَمَتْ رأسَها لعادة ٍ أو لفكر ٍ كَفّن َ وحجبَ وأرادَ تغييب ليس جمالها الأنثوي فحسب إنما طبيعتها وإنسانيتها وكينونتها أيضا ً .
ينهارُ كُلَّ يومٍ بُرْجٌ جديدٌ في السَّماءِ، وتقومُ "نجلاءُ" بِإعادةِ بنائِهِ، ويتهافتُ النَّاسُ، وبِخاصَّةٍ الصَّبايا والنِّسوةُ، على نَبْرَةِ صَوْتِها المهموسِ العَذْبِ والدَّافئِ المُتَدَفِّقِ رِقَّةً عَبْرَ المِذياعِ؛ لِيأخذُوا قِسْطَهُمْ مِنْ نشرةِ الأبراجِ الَّتي تذهبُ بِألبابِهِمْ، نِساءً ورِجالاً، وهُمْ يُنصِتُونَ إِليها، مُنتظِراً كُلٌّ منهُمْ بِشَغَفٍ لِيأتيَ دَوْرُ بُرْجِهِ، مُتَلَهِّفاً بِ
الكتابةُ أصبحتْ مهنةَ من لا مهنةَ لهُ . هذا لا يخفّفُ من قيمةِ الكتابةِ بل بالعكسِ. على كلِّ إنسا نٍ أن يحاولَ كتابةَ ولو كتابٍ واحدٍ في حياتِهِ ،و رغمَ أنّ الأدبَ والفنَّ لا تخرِّجُهما المعاهدُ والجامعاتُ من حيثُ المبدأ ، لكنّ الاحترافَ أمرٌ مختلفٌ ، فهوَ عملٌ فكريٌ يستندُ إلى التراكمِ الثقافيِّ في مخزونِ الإنسانِ الذهني . التراكمُ الثقافي لا يكونُ إلا إذا وجدَ العلمُ والمعرفةُ بقواعدِ اللغةِ طريقَهما إلى الكاتبِ ، ثم أكملهما بالتجربةِ التي تصقِلُ الذهنَ