أدونيس لا يعرف أمّ أحمد، وأمّ احمد لا تعرف أدونيس، ولكنّ أم أحمد تعرف سوريّة! تعرف الحارات التي سال فيها دم ابنها المشارف على الشلل، تعرف بيوت الجيران التي تهدّمت على ساكنيها، تعرف الأطفال الذين لن يروا النور بعد اليوم، تعرف الشوارع التي تغيّرت معالمها بفعل قصف المدافع والطائرات والمجنزرات الذي لم يتوقف، تعرف الحدائق التي سيزهر دم الشهداء المدفونين فيها بعد حين،
كان المعلمون يتراكضون، كالكلاب ولكن بشبهة آدمية، يلوّحون بإيماءاتهم غير المفهومة لنا؛ أن نزيد من حدة الصوت؛ أن نرفع من شدة توتر حبالنا الصوتية. ربما كانوا يريدون لنا أن نتحول لكائنات غير عاقلة، يزيد تواتر حبالها الصوتية عن عشرين ألف ذبذبة ويزيد... هكذا أوصت شعبة الحزب وفروع الأمن معلمينا ومديرينا...
كلّ شيءٍ في علوّ, في ارتفاعٍ يكادُ يخترقُ أبعد الآفاقِ والفضاءات. كلّ السّلعِ الماديّة والمعنويّة تسيرُ في خيَلاءٍ وزهو, لم تعد مقيّدة بتسعيرةٍ خاصّةٍ بها, ولم تعد بحاجةٍ إلى رجال تموينٍ ليزرعوا بعض الخوفِ والفزع في القلوب والنّفوس.
بالكادِ يتمّ ترقين قيدها على تسعيرةٍ خاصّةٍ بها, لتجدَ نفسها مضطرة لإعادةِ ملء استمارتها على تسعيرةٍ أخرى, ويتمّ ذلك بين لحظةٍ وأختها, بين ثانيةٍ وثانية.
ابتسمَ وأضاف: ( تعا يا عين أمكَ .. نزيل يا حبيب .. والله لخلي الشياطين الزرق ما تعرف طريقك ...).
صفعة .. وتلتها ركلة مع سقوط ثلاثة أسنان إثرَ ضربة قاسية بكعب البندقية على وجه الشاب..!
وأمرَ بعدها الحافلة بمتابعة المسير...
/
" كل شيء ممكن في وطني " ............. قالها حجرٌ على جانب الطريق.
سأحضرُ اجتماع نقابة المحامين غداً، وجهت لي دعوة. ليس عندي بذلة رسمية، ولا حذاء. ستدير المؤتمر "أديبة"، فقد نالت هذا العام: جائزة الأمّ المثالية، وصاحبة الرّأي المحقّ، وجائزة ضابط إيقاع على الطّبل، وجوائز أدبية وانسانية كبيرة، حتى أنّ الأمم المتحدة جعلتها سفيرة بسبب خدماتها للانسانية. تصور أنّها تذكّرتني مع أنّني لا أعرفها. عينتني في لجنة "كل من إيدو إلو".
كلما قلنا لأولئك الممانعين.
كفوّا عنّا بلاكم يا طغاة،
لا يضعون نقاطاً تلجمهم
لا على الهوامش و لا على السطور،
يتابعون بتوثيق عهرهم
كنت أستطيع أن أتفهّم تباكيكم على سورية، يا أولاد الضّباع، هذا لو تبقى شيء من سورية يخيف هذا الكيان المُحتلّ المُصطنع، ولكن وأنتم صامتون على كل هذه المجازر والخراب الخرافيين الذي أنجزته عصابة هذا "المجرم الأهبل" وحلفاؤه الممانعون، خدمة لهذا الكيان، خراب لم تكن تحلم به "إسراائيل" طوال حياتها. أقول لكم: الشعب السوري هو العدو الحقيقي لهذا الكيان، شعبنا لا يبيع أرضه ولا شرفه، كما فعل تاجر دمشق الذي تدافعون عنه، بيعونا صمتكم احتراماً لدم آلاف الأطفال السوريين على
كيف لي أن أخطو إليها
وهي واقفة قبالتي باستمرار ؟!،
كيف لي أن أركّز انتباهي عليها
وهي تلوح لي على الدوام ؟!
آه من الحب الدفين
كانوا واقفين كأنامل للأرض، يحرسون ما تبقى لهم من ذكريات المكان، ملتحفين كطيور السنونو، خجلين من قدودهم الزاهية كزهوّ اللباب، الذي سحب آخر امتداداته السمائية من أحشاء الأسقف الفارهة، دون يقين ... دون ابتذال ...
لم تكن تلك السقوف مصادفة، بل كانت هدفاً ... ربما لقناص! ربما لمقلاع! ربما لترس ورمح كانا مرمين في الأنحاء!... لم يتصوروا يوماً أن يجدوا لبلابهم متمرغاً بالأرض من فعل ذاك المدفع،
لم يستطع المجتمع الحزبي السوري ما قبل الثورة من إنتاج وعي شعبي قادر على استعياب ما تمر به البلاد من أزمات منذ تولي الحزب القائد لدفة السلطة إلى اللحظة التي انبثقت فيها الثورة في مارس من العام 2011. فقد كانت الحالات الحزبية على قلتها حكراً على النخبة المثقفة التي خلقت عالماً خاصاً بها بعيداً عن الحاضن الاجتماعي، متبنية لهيكلية تنظيمية سرّية في الغالب، تقولبت على شكل إرهاصات وردات فعل على سياسات النظام في بعض الجوانب،