تاريخ الموت لا يبحث في حقيقة ما بعد الموت البيولوجي أو في وجوده الميتافيزيقي، أي في مسألة المصير الأخروي والحساب، بل هو مبحث يهتم باستقصاء تمثلات وتصورات ذهنية لبنية الموت، كتيمة قبيحة وساحرة في آن واحد(5)، تخلق خوفا مركبا في أحيان عديدة(6)، وتكشف عنه سلوكيات وممارسات متواترة، إزاء قضايا ديموغرافية، تعج بمعاني تأويلية مضمرة في الوعي واللاوعي الجماعي
هذا الانتماء الجماعي، الذي يقدّمه المسلم على فرديته، بحسب بن جلون، هو الذي يدفعه للتعبير عن غضبه وصب جام هذا الغضب عشوائيًا على أي مظهر من مظاهر العلمانية، إذ يرى في هذه العلمانية مزيجًا من الإلحاد والردّة. فكل من لا يقف معه في احتجاجه وغضبه، لأي سبب من الأسباب، علمانيٌّ كافر ومرتد.
أي إسلام الآن؟
على أن شخصية هامان الوزير القوي لا تظهر في الرواية التوراتية لسيرة موسى، بل تظهر في مكان وزمان مختلفين كل الاختلاف عن مكان وزمان موسى وفرعون. فقد كان في سفر إستير التوراتي وزيراً للملك الفارسي زركسيس (أو إحشويروس كما يدعى في التوراة) الذي حكم في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد،
كيف جاء هؤلاء المارقون، ومن أين جاؤوا، أين كان يختبئ كل هذا السواد في قلوبهم، وإلى أين هم ذاهبون بنا، كيف لنا أن نرى في "الخليفة" الذي يحترف القتل كاحترافه البلاغة على المنبر، ويجتر الكلمات ويفرك أسنانه بالمسواك مُغَيباً بين زمنين، كيف يمكن أن نرى فيه سوى العبث بعينه، سوى كابوس يجثم على بلادنا في واحدة من ليالي غيبوبتها الطويلة.
ما يعنيه هذا أنّ أي نظام سياسي شيعي ينشأ سيأخذ طابعاً ضدياً، طابعاً مشاغباً، إذا جاز لنا استخدام هذا الوصف. أي أنه إذا كانت هناك ضديات أصولية سنية مركزية من الداخل السني، وهو كذلك، فإن هناك ما ينتظر هذه البقعة المشرقية وهو احتمالية قيام ضديات دولتية من على هامش المركز، ضديات ليست وظيفتها إلا المعارضة، إضافة إلى حجج تمثيل ما يُظنّ أنه الحق المغتصب من قبل النظام أو الأنظمة السياسية للمركز.
إلى وقت قريب، كان يُعتقد أيضاً أن العراق جزء عزيز من الإستراتيجية الأميركية، لكن التطورات الأخيرة وسيطرة داعش على أجزاء كبيرة منه ورد الفعل الأميركي الضعيف حيالها أثبتا عدم اكتراث الغرب بما يحدث في العراق، حتى تهجير المسيحيين من الموصل لم يحظَ باهتمام غربي على النحو الذي كان متوقعاً. الحق أن الهجوم الإسرائيلي على غزة نال الاهتمام الأكبر. بالطبع، الفلسطينيون يستحقون أكثر منه،
وهذا العجب العاجب سرعان ما يزول إذا ما عرفت القصد الذي يرمي إليه في سياقاته الفكرية التي يلحّ فيها على تأكيد أن الرجل إنما هو أصل الخليقة البشرية، وأن المرأة فرع عنه، وجزءٌ منه، فإذا ما ولدت امرأة ما ولدًا ذكرا فهي إنما تلد في الحقيقة من كان لها أصلا ومصدرا، وهي بذلك كأنما ولدت أباها، على طريقة الشيخ في الإيهام والإلباس
فبعد أحداث 11 أيلول التي كانت الذريعة الأولى التي أطلقها ( بوش الابن ) بما سماها محاربة الإرهاب أين ما كان في العالم، جاءت أكبر النكسات في تاريخ الأمة العربية والإسلامية بعد فلسطين وهي سقوط العراق على أيدي الأمريكان والبريطانيين بمساعدة عربية خليجية لوجستية، عوضاً عن اليد الطولى التي كان لها الفضل الأساسي في سقوط العراق أمنياً ألا وهي ــ إيران ــ! .. طبعاً كان للنظام السوري دور فعال في ذات الشأن.
بعد الانتهاء من سرد سلسلة قصص الأب الأول إبراهيم، ينتقل محرر سفر التكوين إلى سرد سلسلة قصص نسل إبراهيم، وهم إسحاق ويعقوب وأولاد يعقوب الاثنا عشر الذين تحدرت منهم القبائل العبرانية. وقد أغفل القرآن الكريم ذكر أي من هذه القصص، وإسحاق ويعقوب لا يظهران إلا في إشارات مقتضبة
"غبي فعلاً"، ربما تقول الآن بينها وبين نفسها، وعلى طرف فمها ابتسامة هازئة. ورفعت نظري لأضبطها متلبِّسة بالابتسامة الهازئة تلك، بيد أنها، في هذه الثانية الخاطفة، نظرت هي الأخرى نحوي بتلك النظرة الحيوانية الفاتنة ورسمت تلك الابتسامة الوضاءة، وأقامت مؤخّرتها الصغيرة الممتلئة، الرائعة الاستدارة، وسألتْ ( هل ستلومونني، وتنعتونني بالمراهق إن قلت؛ غرّدتْ؟ ): "حضرتك طالب دراسات عليا؟".