وكأن حمص، جارة العاصي، صارت الحكاية السورية بكل وجعها وألمها وأملها …هنا بدأت الثورة بأحلى صورها كحراك شعبي سلمي، وهنا وئدت وقمعت بكل أشكال الحصار والتجويع …وهنا ستبعث من تحت الرماد كتلك الطفلة السورية الصغيرة التي حفر الناس بأيديهم ليخرجوها من تحت البناء المهدم وخرجت بوجه رمادي يعلوه الركام ولكنها كانت حية تتنفس….
فاضطررتُ للسفر إلى الشام كي أستطيع التأكد من الخبر والتعرف على جثة أخي في إحدى المستشفيات الحكومية كما وردت المعلومة. ما راعني ومضّني عندما وصلتُ إلى الجهة المعينة التي نقلت الجثة من تحت أحد الجسور في العاصمة إلى المشفى، معاملة بعض العناصر و صف الضباط للجرحى المتواجدين لديهم قبل نقلهم للطبابة، إذ كانوا يركلون الجريح على رأسه أو يضعون بساطيرهم على وجوههم وعلى جراحهم،ويرافق ذلك السباب والكلمات الشنيعة التي لم ترد بقاموس الشياطين!!...
وبعيدا عما يشغل الانسان العراقي القديم بشأن قضية قلق الحياة والموت والعمر المحدّد الذي يعيشه وهو محسوب بسنوات معدودة بدءا من ولادته حتى مماته وطموح الانسان الى الخلود والصراع مع قوى الخفاء للبقاء وقضايا كثيرة تطرّقت اليها الملحمة لكننا سنركّز على الجنس والمرأة والتي كانتا الشغل الشاغل ايضا في مضامين هذه الملحمة وأخذت حيزا واسعا في ألواحها المكتوبة البالغة اثنا عشر لوحاً
أما المشهد الذي يُظهر فظاعة عالم المافيا وتجار المخدرات فهو مشهد التعذيب الذي يتعرض له بيتو وإيلي بوجود مجموعة من الأطفال الصغار الذين جندتهم تلك العصابات، هؤلاء يقومون بتعليق بيتو ثم يقوم أكبرهم بضربه بعصا كريكيت على جسده، حيث يركز المخرج في القسم الأكبر من المشهد على ملامح الأطفال ومدى تأثرهم بما يجري.
المفاجأة التي لم تكن مفاجأة بحق، أتت بالاصطفاف التام والأصم مع النظام السوري لمن كانـــــوا يظهرون راديكالية إزاء إسرائيل، على رغم إحالتهم سابقاً الهزيمة العربية إلى أداء الأنظمة المتهافت أو المتواطئ. لم يقلل من حماستهم صـــمتُ النظام السوري عن الاعتداءات الإسرائيلية خلال الـــسنوات الثلاث الأخيرة وتسليمه السلاح الكيماوي بلا أدنى مقاومة، بل ازدادت شراستهم في الدفاع عنه، وهذا أقرب إلى المنطق كلما اتسعت دائرة الخطـــر الداخلية المحيقة بالنظام.
بالأمس، وفي اليوم نفسه الذي سرب فيه «حزب الله» «المعلومات» عن دوره في الإنجاز، كان عمر محمود عثمان (أبو قتادة)، وهو الداعية الذي كان أفتى بجواز قتل النساء والأطفال في الجزائر، واقفاً في قفص المحاكمة في عمان يعلن تأييده لـ «عمليات كتائب عبدالله عزام في لبنان» ويحمّل الجيش اللبناني المسؤولية بسبب دعمه «حزب الله» في سورية على حد زعمه.
"الصمت القاتل" إذاً، كان المقصود من خاتمة العبارة التي تلمّح ولا تصرّح بضرورة الثورة عليه، وبأهمية التحاق جارة مهد ثورة الحرية والكرامة، بركب الثورة، إضافة طبعاً إلى الاحتجاج الصريح على المجزرة المذكورة. الصمت اللاأخلاقي، المهادن، المتواطئ، القاتل، هو نفسه الذي طالما دعا الثائرون والثائرات في المدائن والبلدات السورية المختلفة، إلى الخروج عليه.
تختلف المآلات باختلاف الواقع بالتأكيد، ولكني لا أعرف مآلاً أكثر مأساوية لشعب يعيش تحت نير الإحتلال من المآل الذي وصلت إليه موناليزا وأمها، فهي تحتقر ذاتها ويحتقرها المحتل حين تتماهى معه ويحتقرها أيضا شعبها ، وما المعاملة المذلة لجيش لحد حين هرب إلى فلسطين المحتلة إلا أكبر دليل على التعالي والاحتقار لمن خان شعبه وقضيته، فتم التعامل معهم كجواسيس ليس أكثر برغم كل ما قدموه من خدمات للاحتلال!
يبدأ كلنتون في تلاوة الرسالة التي وصلته من إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، وعندما يذكر عبارة ‘الحدود المتفق عليها’، يقفز الأسد على قدميه ويسأل: ‘أي حدود متفق عليها؟ هل هذا خطّ 4 حزيران/يونيو 1967؟’ فيردّ كلنتون: ‘دعني أكمل… سوف تحتفظ إسرائيل بالسيادة على بحيرة طبريا وشريط من الاراضي…’؛ وهنا يقاطعه الأسد: ‘الإسرائيليون لا يريدون السلام! لا جدوى من الاستمرار’
أعتقد أن تمثيل المعارضة سيكتمل إلى حد بعيد، إذا ما دخلت قوى المقاومة والحراك المدني، المنضوية في الفصيل الثالث، إلى جانب «إعلان دمشق» و«هيئة التنسيق»، إلى ميدان التفاوض، بشراكة وطنية جامعة مع الائتلاف، تراعي مواقف الجميع وتضع خطة تفاوضية قابلة للتنفيذ وتتفق والقرارات الدولية ووثيقة جنيف واحد، يحملها ويساندها قطاع اجتماعي واسع.