الفاتحة
الفن العظيم هو الفن الذي يعبر عن فكر صاحبه في كل مكان وزمان. والكلام الصادق يصدق أيضا لكل الأزمان، من هذا الكلام الصادق كل ماكتبه الأخوين رحباني، ونأسف لما يحدث لهما اليوم من إساءات من أقرب الناس إليهما، من مسرحيات غنائية أو اسكتشات، إلا وخلدت في معانيها، وفي كل ما تضمنته من موسيقى وتوزيع وأداء، أسوق قولي هذا بعد أن سمعت من جديد مسرحية ناطورة المفاتيح، وشعرت كم هي مؤثرة، وصادقة ولو عرضت اليوم لأوقف عرضها بسبب معانيها التي لا تتناسب مع ما يجري في المنطقة.
في فاتحتي المعنونة الاحتجاج بالإضراب عن الطعام، قلت فكرة، فهمت خطأ من بعض القراء،...
التناقض الذي يعيشه الشعب السوري ملفت للنظر، ومخيب للآمال، ومسبب للاكتئاب، فبينما تعيش درعا وبانياس ودوما وغيرها من المدن تحت الحصار بأبشع أشكاله، ليصل حد الموت جوعا وعطشا و وغضبا، والعتب. العتب علينا، نحن الذين نعيش مرتاحين في بيوتنا، ونمارس حياتنا بشكل طبيعي، نسمع الأخبار، ونحزن قليلا ثم نعود إلى طبيعتنا، وكأن ما سمعناه للتو يجري في كولا لامبور أو في القطب الجنوبي.
نتصل مع صديق أو صديقة، نتحدث كلمتين عما يجري ثم نتواعد لنشرب فنجان قهوة في كافتيريا ما، في الكافتيريا نفاجأ أننا لسنا وحدنا، وأن أحدا غير مهتم بالدماء التي تهدر في أماكن الحصار، فالكافتيريات ملأى حتى...
مستفيدا من صدور قرار رفع حالة الطوارئ في سورية سأتجرأ وأسأل ماذا ستفعل أجهزة الأمن بمسمياتها المتعددة وكيف سيجري التعامل مع المواطن في حالة لم يسبق لهم التعامل معها منذ ما يزيد عن أربعين عاما. ولن أسوق إجابات، فالمستقبل هو الذي سيعطي مثل هذه الإجابات للشعب المتعطش للحرية وللتعبير عن آرائه دون خوف من بطش تلك الأجهزة.
لم تكن تلك الأجهزة تقوم بعملها المحدد لها .. وعلى سبيل المثال اسم الأمن السياسي يعني التعامل مع المواطنين بما يخص إساءتهم إلى سياسة البلد والعبث بأمنه. ماعدا ذلك لا يحق لهذا الجهاز التدخل في أي أمر آخر.
الذي كان يحصل أن...
دم الدول التي يسمونها العالم الثالث أرخص بكثير من البترول الذي يتدفق من أراضي تلك الدول، ومن الاستثمارات التي يقوم الغرب وإسرائيل بها بالاتفاق مع أصحاب القرار . فالغرب لا يعنيه كم يموت من سكان ليبيا، وغيرها من الدول التي تنتفض مطالبة بالحرية، وبزوال الفساد وبرحيل الحكام، ما يعنيه تأمين ما بعد هذا الرحيل، ومادامت هذه الغاية ما تزال غائمة، أي لم يعرف بعد كيف سيتم التعامل مع تلك الحكومات الناشئة، فلن يتوقف حمام الدم. إنها طريقتهم في ممارسة الديمقراطية؟؟
الغرب عموما باستثناءات قليلة منها الدول الاسكندنافية والدول غير الصناعية من جاراتها، يهمه أن يبدو أمام شعبه بأنه مهتم بما...
هي قضية عانيت منها مذ بدأت التحركات المتواضعة في سورية تطالب بالحرية والكرامة، ورفع قانون الطوارئ وبعض المطالب الأخرى المحقة والتي اعتمدت كحد أدنى دون مشاورات ودون تدخلات حزبية.. نحن نريد الحرية هذه شعارات التحركات الشعبية ..
قلت عانيت منها وقصدت من خلال هذا الموقع، فهناك سوريون جبناء، يخافون من الخروج في أي مسيرة، وإذا سمعوا بمسيرة سلمية في شارع في نهاية مدينتهم لجأوا إلى بيوتهم فارين خائفين من أن يلقى القبض عليهم لأنهم سمعوا بتلك المسيرة. أو علموا بها، هذا الحد من الجبن يضعهم أمام مشكلتهم مع ضمائرهم، ولكي يحلوا مشكلتهم مع ضمائرهم، ويناموا مرتاحي الضمير، يلجأون إلى...
لست هنا بصدد التأريخ، فالتأريخ، والكتابة فيه يحتاج إلى توثيق، والتوثيق ليس مجاله زاوية بهذا الحجم وهذا المكان، لهذا ابدأ وأقول أنني لا أؤرخ لمرحلة بدايات استقلال سورية وإنما أكتب عما أتذكره، وعما روي أمامي، وعن معلومات استطعت الحصول عليها بسرعة، لأحكي عن سورية الاستقلال، ما أراده شعبها، وما أرده لها الفرنسيون أولا وغيرهم ثانيا ولكن في مرحلة لاحقة وبعيدة عن البدايات.
لم تكن فرنسا لتتخلى عن سورية بسهولة، وظلت متمسكة بانتدابها إلى أن فرض عليها الأمر فرضا واضطرت للمغادرة.. ولكنها غادرت ولم تغادر، فقد غادر جيشها النظامي ولكن رجالاتها، السياسيون الذين تربوا في عزها ظلوا موجودين وفاعلين ومؤثرين في...
منذ الأسبوع الماضي قررت أن أبتعد عن السياسة، فموقع ألف ليس له موقف سياسي محدد، وهو ليس موقعا إخباريا، ولم يشتر أسهما يتداول بها في سوق البورصة السياسية. بيعا وشراء، مواقفه العامة هي ما تفرضه الساحة العربية من مقولات وعناوين كبيرة تفرض بين الحين والآخر التكلم عنها. ولكنه في العموم موقع ثقافي، والثقافة في العموم تنتجها السياسة إلى جانب مجموعة هموم إنسانية، ومقولات ليس مهم الحديث عنها هنا.
من هذا المنطلق لا نستطيع أن نغرد خارج السرب، ولا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي، أمام ما نرى ونسمع ونقرأ. فايا منا لن يستطيع أن يستريح كمحارب وهو وسط المعركة لابد من...
جيلٌ كاملٌ لمْ يسمعْ بِ"بوكاسا" إمبراطورِ أفريقيا الوسطَى، والَّذي حكمَ منذُ عامِ 1966 وحتَّى نهايةِ السَّبعيناتِ منَ القرنِ الماضي. ولأنَّ الذَّاكرةَ في المناطقِ المتخلِّفةِ كأفريقيا، وجزءٍ منْ آسيا، لا تخزِّنُ في ذاكرتِها سوى أفراحِها، لأنَّ أفراحَها نادرةٌ، أوْ معدومةٌ، ف"بوكاسا" نُسِيَ ضمنَ ما نسيَتْ ذاكرتُنا العديدَ منْ أمثالِهِ.
كانَ "بوكاسا" عرِّيفاً في الجيشِ الفرنسيِّ، وهذا يُشَبِّهُهُ بِ"هتلر"، أكثرَ منْ شَبَهِهِ بِ"ديغولَ" الَّذي كانَ يناديهِ بِ"بابا"، قادَ انقلاباً عسكريَّاً، استلمَ منْ خلالِهِ مقاليدَ الحكمِ في بلادِهِ، بدعمٍ منْ فرنسا الدِّيغوليَّةِ، وبدأَ يعيثُ فساداً فيها، أشعرَهُ وجودُهُ في السُّلطةِ بالعَتَهِ؛ فسمَّى نفسَهُ إمبراطوراً، وجعلَ منْ أفريقيا الوسطى إمبراطوريَّةً.
كانَتْ فرنسا ديغولَ حليفتَهُ...
كمْ يساوي برميلٌ منَ الدَّمِ الليبيِّ مقابلَ برميلٍ منَ النِّفطِ.؟
أيُّهما أغلى ثمناً، وأكثرُ منفعةً.؟.
هذهِ المساوماتُ الَّتي تجري الآنَ داخلَ أروقةِ الأممِ المتَّحدةِ، ومنْ بينِها روسيا الَّتي تبيعُ نفطَها العالمَ، والصِّينُ الَّتي تتناقضُ مصالحُها معَ مصالحِ الدَّمِ الليبيِّ، وأمريكا الَّتي تلعبُ كالبهلوانِ على حبالِ الجميعِ.
على أونا على دوِّي على ترِي.!.
على مَنْ يرسُو المزادُ.؟.
ومَنِ الَّذي يربحُ في النِّهايةِ.؟. البترولُ أمِ الدَّمُ.؟.
وكمْ منَ البترولِ, عفواً، أقصدُ الدَّمَ، سيُسفَحُ فوقَ الصَّحراءِ الليبيَّةِ ريثَما تنتهي صفقاتُ البترولِ بينَ القذَّافي والدُّولِ الكُبرى، والصفقاتِ المشبوهةِ الأخرى.
ليسَ القذَّافي رجلاً مجنوناً، وليسَ أبلهَ، كما يتصوَّرُه البعضُ. بلْ هوَ زعيمُ عصابةٍ بوثيقةٍ...
توفِّيَ الرَّسولُ عنْ عمرٍ يناهزُ الثَّلاثةَ والستِّينَ عاماً، وكانَتِ الدَّولةُ الإسلاميَّةُ قدْ بدأَتْ تتشكَّلُ، والتَّوجُّهَ نحوَ العالمِ الخارجيِّ، بعيداً عنْ بداوةِ الصَّحراءِ، نحوَ مدنٍ ودولٍ أكثرَ تحضُّراً وثقافةً منْ ثقافةِ أهلِ الحجازِ ببداوتِهم وحضارتِهم البدائيَّةٍ؛ في بداياتِه الأولى حيثُ قادَ النَّبيُّ غزوةً باتِّجاهِ الرُّومِ، لمْ يحدثْ فيها قتالٌ، إذْ إنَّ الرُّومَ فرُّوا هاربينَ منْ وجهِه حسبَ الرِّواياتِ الإسلاميَّةِ.
لمْ يعشِ النَّبيُّ ليرى الغزواتِ الأخرى الَّتي تمَّتْ في العهودِ اللاحقةِ: الرَّاشدينَ ثمَّ الأمويِّينَ والعباسيِّينَ، ولوْ قُيِّضَ لهُ ذلكَ، أيْ لوْ أمدَّ ربُّهُ في عمرِه، لكي يرى عظمةَ الدَّولةِ الَّتي أنشأَها أتباعُه منْ بعدِه، لكانَ أمرُ الدِّينِ برمَّتِه قدِ اختلفَ.
فالاتِّصالُ بالحضاراتِ...