في هذا السياق لعبت مجلة شعر دورا أساسيا في تحديث القصيدة العربية في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، عبر شعرائها ونقادها الذين واصلوا مشروعها من خارجه، وعبر من ألهمتهم كمجلة ومشروع، وطريقة تفكير بالشعر والنقد والثقافة والفكر، من الأجيال الطالعة بعد غيابها. وهي بهذا المعنى غابت كمجلة ولم تغب كمشروع؛ كفت عن الصدور ومتابعة دورها كساحة للجدل وحوار الأشكال والتجارب، وبقيت كتجربة ومثال وطريقة فهم للإبداع والحداثة. هكذا كانت «شعر»، بكوكبة الملتفين حول مؤسسها يوسف الخال وحول مشروع مجلته الليبرالي،
لكن المرارة الحقيقية كانت تلك التي تجرعها "قايين" أو "قابيل" بعد أن رفض السيد قبول تقدمته وقبل تقدمة هابيل, وأدتْ في النهاية إلى الجريمة الأولى في التاريخ. قايين هذا هو من فتح باب الجدل والحوار والندّية حتى مع السيد "الإله" بدءاً من حضور السيد الفوري بعد اقدام قايين على قتل هابيل بفك حمار كان قد خبأه مسبقاً. ليضع على جبهته علامة أبدية عن فعلته النكراء "التي سمح الإله لها بأن تحدث, دون أن يتدخل لوقفها, وهو قادر على ذلك؟؟!! يتسائل قايين عن سبب زرع الشجرة المحرمة في الجنة ولماذا لم يقتلعها السيد من جذورها, بدل أن يُدخل آدم وحواء بتلك التجربة العبثية؟
*مشوار الأفاعي سريع وداهي وأيضا ملتوٍ جدا ولأنها لا تصدر صوتا لذا فمن المفاجأة إن لم تكن بمعرفة كل فلسفتها المخادعة وأدركت خطورة فتكها فستجدها وقد داهمتك وحاصرتك ورقصت بشروطها المسمومة على كل تاريخك لتجتاز فوق تفاصيل مضجعك التعب ، تعصر عظامك صرخة صرخة ،تحيل كرمة قصائدك إلى خريف متساقط بلا اتكاء ومن كل المحاولات الممكنة تجرد إيقاع حلمك كيلا يكون تلاحما منشودا ، ثم تترك ما تبقى من جموع الخائفين إما منحنيا أو منصرفا ، فيما إن غازلت اصفرار قلبها لاتقاء مكائدها
الإعجاب الهائل والدعاية الهائلة التي حصل عليهما همنغواي لم تخدع همنغواي نفسه , فالرجل يمكن أن يخدع كثيرا من الناس لكن الأحمق وحده من يصدق خديعة نفسه , ولا يقيم نفسه التقييم الصحيح ,وهمنغواي لم يكن احمق ابدا, وعلى اية حال, فهمنغواي لم يحصل على نوبل لأنه كتب " الصخب والعنف " كما فعل فوكنر,بل حصل عليها لأنه كان النموذج الذي تريد اميريكا تعميمه عن الأميركي النموذجي, وما جوهر الشخصية الذي تريد تعميمه إلا الفحل "جون واين" وما معادل الفحل جون واين أدبيا إلا الفحل المغامر همنغواي الذي كتب الشيخ والبحر والتي لم تكن إلا تحديثا لرواية أميريكية انقضى قرن على نشرها ألا وهي موبي ديك لهيرمان ملفيل التي صدرت للمرة الأولى سنة 1851م ,
ينظر الــجميع إلى التحركات الأخيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغرب مع بعض الدول العربية، على أنها جاءت في وقت متأخر بعد أن وعد ــ أوباما العالم بمحاسبة النظام السوري إذا ما استخدم السلاح الكيماوي وسماها بالخطوط الحمر، وهنا يصب هذا السؤال الاستنكاري إلى جواب واضح كما ذكرنا، هو استنزاف البلد وإهلاكه على يد الآلة العسكرية الأسدية التي يقابلها الجيش الحر بمعدات خفيفة إلا أنّه في الآونة الأخير تمكّن الجيش الحر من تطوير أسلحته ضمن خبرات محلية، كما استطاع أن يحصل على السلاح النوعي
ثمة وصفٌ لا ينسى عن الانسان وهو يتوجه إلى القتال في رواية "الأخوة الأعداء" للكاتب اليوناني نيكوس كزنتزاكي صاحب "زوربا" و"القديس فرنسيس الإيزيسي" و"المسيح يصلب من جديد" وروايات أخرى. إنه الانسان الذي يتحول رويداً رويداً إلى وحش كاسر يدمّر كل ما يجده أمامه, في صورة المتحوّل الذي تلتصق صورته في الأذهان كما رسمته لنا عدة أفلام على شاكلة "الرجل الذئب" وكيف يبدأ ظهور الشعر والأنياب والمخالب لديه. فما أن يدخل الانسان إلى معركة حتى يعود إلى أصله الحيواني الذي تحدّث عنه "المغفور له بإذن الله"
الحال أن كل هذا التلاؤم، الجوّاني والبرّاني - لكي نستخدم تعبيرين فلسفيين - جعل من عمل داريوس ميلو هذا، عملاً استثنائياً يجمع بين حداثة القرن العشرين، واحتفالية الأعمال الكلاسيكية الكبرى... تلك الاحتفالية التي كشفت عن قدرة الموسيقي الفرنسي على رسم صورة موسيقية، ليس للأحداث الكبيرة فقط، بل للعواطف الداخلية، ناهيك بتصويره الصاخب للصراعات الداخلية والخارجية، التي اذ يستعيد كريستوف كولومبوس، وهو على فراش الموت، مجرياتها وتأثيرها في حياة البشر وحياة الروح، تنعكس عليه أشجاناً...
احتل الرومان اللاتين سورية, ولكنهم أدخلوا إلى سورية الملاعب, والمجالد التي كان العبيد يتجالدون فيها حتى الموت مع الوحوش, وفيما بعد وضعوا مكان العبيد "المسيحيين" الرافضين لعبادة الامبراطور. وبنى الرومان أقنية الري, وبنوا الطريق العظيم "الستراتوم" طريق العربات المبلط الواصل ما بين بصرى في جبل حوران وبين روما في إيطاليا المعاصرة,........ وغابت روما لترثها بيزنطه, وغابت بارثيا "فارس" لترثها ساسان, ولترث مع ميراثها شهوتها لاستكمال امبراطوريتها, وما استكمال الامبراطورية إلا في احتلال سورية, والوصول إلى البحر المتوسط !!!
عود على بدء: ما الذي يدفع أفرادا يعيشون على التراب نفسه ويتنفسون الهواء نفسه إلى الابتهاج علنا بقتل أفراد آخرين يعيشون معهم ويشكلون معا أمة واحدة؟ إنه الألم والرغبة في إطفاء نار الحقد من خلال الانتقام. إن توزيع الحلويات والطوفان بالمواكب السيارة في الطرقات وكمية الحقد والتشفي التي حفلت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فعل جبان ومقيت وغريب عن الثقافة السورية. في سوريا لا يمكن الاحتفال بعرس إذا كان في الحي جنازة، وتتوقف الموسيقا وتقفل أجهزة التلفزيون، ويشارك الجميع في "الأجر." فما الذي يجعل إذن جماعة من البشر تنحدر إلى هذا المستوى العميق من الانحدار والانكسار النفسي والأخلاقي؟
وبعد ذلك يبدأ الاجتماع الثاني في الأردن لبعض قادة الجيوش الغربية وعلى رأسها أمريكا ومنها دول عربية أيضاً كالسعودية والبلد المستضيف، لتحديد سيناريو يتعامل مع النظام في حال تمّ استصدار أمر بتوجيه ضربات عسكرية لمراكز القوى عند النظام مثل المطارات العسكرية وسلاح الجو والمناطق الحيوية.. وهذا الاجتماع لن يكون سوى وجود استراتيجي فقط /نفسي/ للضغط على النظام بوقف العمليات العسكرية، وشدّ إذنه قليلاً بخصوص استخدامه السلاح الكيماوي هذا من باب .. ومن باب آخر إن حصل الأمر وأظنّـه لن يحصل، فستكون أيضاً على حساب الشعب السوري،