ولايمكن فصل العنف والممارسات التي تجسده عن أسباب تحيط به في الواقع العربي، وتعمل على ديموته من جهة وعلى توليده من جهة ثانية. والأبرز في الأسباب المولدة للعنف، يظهر في محتويات الثقافة السائدة، وهي في خلفياتها الدينية والاجتماعية والتاريخية تحض على العنف، بل وتدعو اليه، وتكرسه من خلال الإشارة الى تطورات من الأحداث التاريخية، كان العنف أساسها على نحو مايجري الحديث عن نشوء وتطور الدولة الإسلامية، إذ يجري التركيز على القوة طريقاً في نشر الإسلام، وتوسيع حدود دولته على حساب حقيقة، أن انتشار الإسلام وتوسع حدوده،
أيها الصامتون ...الدم السوري نبوئة ماردة لطالما حققت شريعة الحرية فوق شريعة الغاب على مر العصور
أيها المثقفون الصامتون ....إن كنتم تظنون أن نداءات الحرية ستقف ....وهتافات الكرامة لسوريا سترتجف فأبشركم ... المعجزات لا تسقط ..فالدم السوري ذو نبوئة ماردة ...لطالما حققت شريعتها فوق شريعة الغاب على مر العصور ....ومهما حاولتم الحياد واللعب على المفردات ...فاحتلال النفوس لا يمكن أن يكون تحريرا
فأنت مريض ياهذا ان شعرت ان كل هذا الهراء قد يعينك ، فأنت هنا تماماً ، وإنه لهلاً ما متنا ،، ولا شفنا اللي ماتوا رأينا اشلاءهم ، اطراف احلامهم التي تدلت من رؤوسهم ، عيون دهشتهم ، صمت حناجرهم ، لم يصرخوا كثيراً، اطبق الموت عليهم من كل صوب ، كتم انفاسهم ، سد حناجرهم ، شد حبالهم الصوتية كانوا جميعاً هناك ، وقفوا صفاً واحداً ، تداخلت اشلاءهم ، ليصيروا بلداً ، ليصيروا وطناً هناك تماماً ، لا تعرف القاتل من القتيل ، من فجر ومن تفجر ، من مات ومن سيموت
وجردة حساب الابن في سوريا لا تختلف عن جردة حساب الأب، على ما يؤرخ حازم صاغية. في عهد الأب كانت إحدى أكبر بطولات النظام تجهيز حملة من الجيش قوامها أكثر من ثلاثين ألف جندي توجهت لقمع مدينة حماة عام 1982 وهدمها على رؤوس ساكنيها. وبعد ذلك بشهور قليلة وفي ذات العام تراجع جيش البعث واختفى من جنوب لبنان وبيروت والبقاع، وترك "الشقيق الأصغر" لقمة سائغة في يد الجيش الإسرائيلي، ووزير دفاعه أرييل شارون يصول فيه طولاً وعرضاً. هكذا احتلت إسرائيل أول عاصمة .
لم تتحد المعارضة تنظيميا طيلة تاريخها المديد. بعد عام 1979، وحدت أحزاب التجمع الوطني الديموقراطي مواقفها وأقامت حاضنة ضبطت تناقضاتها ونسقت أنشطتها. واليوم، وبينما تنزل جموع شعبية كبيرة العدد إلى الشارع من أجل استرداد حريتها، تمس الحاجة إلى إقامة علاقات بين أطراف المعارضة تجعلها طرفا موحدا في مواجهة نظام يبدو موحدا بدوره. بغير هذا، لن تتمكن من استعادة وجه الانتفاضة الشعبية الأصلي، ولن تنجح في تحقيق الحرية: مطلبها الرئيس، ولن يبقى الشعب واحدا، والحراك سلميا، والهدف مدنيا، والثائرون على الظلم والاستبداد جهة واحدة،
ومَن منَّا، نحن السوريين، يستطيع أن ينسى الشاعر الراحل نجم الدين الصالح، العضو الأبدي في مجلس الشعب، الذي كان لا يترك كلمةً تمرُّ في المجلس إلا ويقاطعها لإلقاء قصيدة عصماء في الأسد: «يا حافظاً للبقايا من أصالتنا/ لولا فعلت لكان العرب ما وُجدوا»؟
وإذا كان هذا الكلام قد قيل وحافظ الأسد حيٌّ يُرزق، فإن ما قيل فيه وهو ميّت لا يقل فداحة (كان حافظ الأسد مخيفاً في حياته وفي موته على السواء). فهو الميِّت الذي يُحيي بشهادة غدير شعبان ملحم: «يا غائب الجسم عن دنياك يا أسدٌ/ وحاضر الروح نحياها فتُحيينا»!
(بخصوص روايتك الجديدة عن سوريا وثورتها!)
أستاذي العزيز نجيب محفوظ:
لا أعتقد أن تزامن الذكرى المائة لمولدك مع رياح الربيع العربي أمر اعتيادي! كما لا أعتقد أن ما يجري في بلدي سوريا، من ثورة على الطغاة والطغيان، سيمرّ على وجدانك بدون أثر، فلو اطّلعت جيداً على ما يدور فيها من أحداث بلون الألم وتفاصيل برائحة الدم ستكون أول من يخلّدها في واحدة من رواياتك، فأنت ككاتب حقيقي،.
وفي الأسابيع القليلة الماضية ظهر في سوريا وخارجها طوفان من الأفكار السياسية واللقاءات والمؤتمرات المعارضة، كان آخرها ائتلاف القوى العلمانية المعارض، وحركة الشباب العلماني، والتي تظل في العموم داخل حيز اجتهاد سياسي مبكّر، لا يبالي به أسياد النظام الذين ربما يريحهم مثل هذا الجهد الفكري يبذله المعارضون السوريون بجدية بالغة، فيما للعسكر "النظامي" على الأرض ما يفوق الفكر والعقل نفاذاً، وتلك ربما، أي قوة النفاذ والحسم، ستحدد الميول وتقلب التوقعات،
مبروك لمصر ٢٠١٢، هذه القفزة الحضارية المدهشة. مبروك للإسكندرية السيد عبدالمنعم الشحّات، نائبًا فى البرلمان!
أمّا مصرُ، فكلكم تعرفونها. أمُّ الدنيا. الجميلةُ التى أمسكت بالقلم قبل خمسين قرنًا، لتكتبَ السطرَ الأول من كتاب التاريخ. المثقفةُ التى أتقنت الطبَّ والهندسةَ والفَلكَ والشِّعرَ والرسمَ والنحتَ والموسيقى والرياضياتِ والتدوينَ والسياسة، وقتَ كانت بقيةُ شعوب الأرض ترفلُ فى الهمجية والبداوة. وأما الإسكندرية، فكلكم أيضًا تعرفونها
عادت أصوات اطلاق النار بشكل أعنف، صارت أقرب إلى أذنها. كانت الستائر مسدلة. الستائر ذات اللون ألأبيض المطرز بخيوط ذهبية، تذكر أنها قامت بشرائها من السوق الشعبي مع زوجها. تذكر الآن الكثير من التفاصيل، وهي تمسك بأطراف أصابعها طرف الستارة، تزيحها وتحاول استراق النظر إلى الشارع. لكن أصوات الرصاص تقترب. تعود إلى الأريكة، وتضم طفليها. أصوات صياح رجال علت. أغمضت عينيها، تعرف هذه الأصوات، تنصت ثانية، دقيقة صمت، وأصوات أقدام بالقرب من الباب الخارجي،