قبل السياسة والاستراتيجيات، ثمة في هذا الطرح مأخذ فظيع لجهة الاخلاق والانسانية، اذ لا شيء يبرر قتل النفوس البريئة بحجة خوف الاقليات من الاكثرية. من هنا يصبح التبرير مشاركة في الجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوري، ومن يقتل شعبه لا يملك مبادئ وقيماً تقضي بحماية اقليات في عينها، الا اذا كانت تخدم مصالحه وتستر جرائمه وتمنحه شرعية صورية لا يؤمن بها حتى من يتشدق بها. مشينٌ القول ان الاقلية المسيحية تتعرض الى الخطر اذا تغيّر النظام في سوريا !
أما تفاصيل الحادثة: فهي أنه في بداية التسعينيات أقام علي فرزات معرضاً في سلمية، وكان من ضمن فعاليات المعرض لقاء يجمعه بالجمهور في مسرح المركز الثقافي، كنا حوالي 400 حاضر وحاضرة، وأول ما تحدث به علي هو أهمية الكاركاتير، وخطورته، مدللاً على ذلك بما جرى لناجي العلي ( الذي لم يكن اسمه على مسمى، لأنه لم ينج)، واستفاض وفاض، ولمن لم يعرف طبيعة جمهور سلمية حين يلتقي ساخراً ناقداً كعلي فرزات أقول له: أن حال السلامنة في ذلك كحال البنزين إن جاورته على حين محطة...
كل هذه المسائل يبتعد الإخوان المسلمون عن الإجابة عنها بشكل واضح أمام الشعب السوري. فما يكتفون به القول أنه تواجد بعض الأفراد ولجئوا للعنف! وهؤلاء لا يمثلون الإخوان، وإذ بالنظام السوري يقتلع مدينة حماة! لا بل يصرون على الشعب السوري من خلال تكرار تلك الأحداث، وخاصة في ظل ما يمر به الآن (والبلد على كف عفريت) أن تبقى ذاكرتهم مثقوبة، بإنعاشها دوماً بأوراق تهدد السلم الأهلي. فضلاً أن هذا الربط الإخواني يسبب القلاقل ويهدد سلامة الموزاييك الاجتماعي السوري، ويضر بحركة الاحتجاجات
وبقي أن يكتمل الفضاء السياسي بالعمل المكثف المشترك من قبل المثقفين والسسياسين والقيادات الميدانية للثورة كي تكتمل الجولة الثالثة من الاندماج الوطني التي دشنتها الثورة وتعمدت بالدم مرة أخرى، وسوف تتعمد بالقانون عندما نعيد بناء مؤسساتنا وجيشنا وبرلماننا على نحو ديمقراطي تعددي، مؤسساتٍ وطنيةً تمثل الشعب السوري، خالية من أية شبهة عشائرية أو طائفية. وإذا كان هذا هو الحل الحديث لجميع المجتمعات إلا أنه في سورية المتعددة تحديدا هو الممر الوحيد،
القارئ المعتاد على لغة المداورة والإحالات الخفية يفهم أن البطريرك يعتبر الانتفاضة السورية انتفاضة سنّية، وأن الإخوان المسلمين هم الممثلون الطبيعيون للسنّيين السوريين. ولن تفيد أية شواهد مغايرة لدفع السياسي الواقعي، البطريرك الراعي، إلى العدول عن هذا التقويم الاختزالي. فالسياسيون الواقعيون خشنو التفكير والتصرف، يصرفون باستهانة التمييزات الدقيقة وتشابك الهويات وتحولها وبالطابع المتشابك والمتحول لكل هوية، ليردوا الجميع إلى الأشكال الأشد ثباتاً وواحدية للهوية، الدين والمذهب. السنّيون سنيون، في سورية أو في لبنان،
ثالثا: أما الرد على النقطة الرابعة، فلا يحتاج إلى كثير كلام، لأنه لا يمكن اعتبار أي فكرة بشرية هي الحقيقة المطلقة، حتى لو استندت إلى شريعة سماوية. فكل ما يقولون عنه شريعة سماوية، سرعان ما يتبين ـ عند التطبيق ـ على أنه مجرد فهم بشري، لنصوص قد تكون صحيحة، وقد لا تكون كذلك.
رابعاً: أما الرد على النقطة الرابعة، فيمكن إجماله في دعوة إلى التأمل. أليست هذه نوعاً من الفاشية؟. أليست كل نظرة تمجد القوم أو الجنس أو المعتقد فاشية جديدة؟!. وهل يمكن القبول بالفاشية، في زمن بات فيه حلم الديموقراطية يداعب كل الأعين؟.
ولكن أكثر من ثمانية أسابيع مرت على هذا الخطاب. وخلال هذه الفترة استمر القتل والاعتقال والتشريد والتهجير. ولم يدفع ذلك فئات المعارضة السورية إلى التحرك خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح. وكلما تم الحديث عن ضرورة وحدة المعارضة، جاء الجواب بخلق هيئة شكلها توحيدي وباطنها تقسيمي. وهكذا ولدت المؤتمرات، وتلتها المجالس الوطنية التي انتشرت حتى قال احد الظرفاء إن من الضروري تأسيس دوري بينها.
ومن جديد، تناسلت الأوراق والرؤى واحدتها من الأخرى، ولا يجد المتابع الرصين كبير اختلاف بينها.
لا أظن أن العزيز علي فرزات قد اطلع على هذه الدراسة موضوع المقال لكن يبدو أنه أدركها بلا أبحاث وبلا داروين ... فقد فقال بعد حادثة الاعتداء عليه, انه يسامحهم فهم لا يدركون ماذا يفعلون ..... نعم يا علي إنهم لا يدركون , فمن أين لحوفري أن يدرك أن إبداعك ينتهي عند أطراف أصابعك ولا ينبع منها , كيف لهم أن يدركوا أنك ترسم بروحك الشفافة وبخيالك المذهل وبسخريتك الذكية لا بأصابعك فقط , لا , هم لا يدركوا أن كسر أصابعك لن يكسر إرادتك وشجاعتك بل سيزيدهما صلابة , وكل حوفرتهم الرفسية هذه لن تكون أكثر من مواد جديدة لمواضيع رسوماتك الساخرة
«اذهب إلى جحيمك منفرداً.. واترك لنا أهلنا الطيبين. لا أنت أغلى من هؤلاء الذين يقسطون أعمارهم المهمشة كما يقسطون تلفزيون سيرونكس، ولا أهلك أكرم من تعب هؤلاء الذين تشققت أرواحهم في بيوت البلاستيك وزراعة التبغ والتفاح في الجبال البعيدة، ولا نسوتك أعز من بائعات خبز التنور والسلق على الدروب، ولا أطفالك أطهر من هؤلاء الذين يلبسون جزمات «الغوما» على الدروب الموحلة. اذهب إلى جحيمك.. واترك لنا فرصة أخيرة لترتيب حيواتنا الموجزة كخبر عاجل على «فضائية مغرضة»
"القذافي" الذي يتخفى حتى هذه الساعة كـ(جرذ)، هارباً مع عائلته من ملاحقة الثوار لم يستطع حتى الآن التصديق بأن عاصمته طرابلس سقطت هي الأخرى بيد الثوار وأن (الملايين) التي كان يهدد ويتوعد خصومه بها لم تعد معه وإن أعداداً هائلة منها قد انضم للثورة وصارت ضده بما في ذلك كبار مسؤولي جهازه السياسي والعسكري، وهاهو يخرج منذ ساعات، لينذر خصومه، بما في ذلك الناتو، بأن الجموع والكتائب تزحف عليهم لتذيقهم الموت والهزيمة..!!
قبل سنوات كان المشهد نفسه يتكرر في بغداد، ففيما كان الأمريكيون ومن معهم يستولون )