لكن، بما أن قراءتي لهذا الكتاب جاءت في وقت تمر فيه سوريا بويلات وفجائع ومجازر مروعة من قبل شبيحة النظام، فقد حاولت أن أبحث في سطور الكتاب عن شيء أو فكرة أو طريقة عنف تشبه ممارسات هذا النظام ضد الشعب السوري، إلا أنني لم أر شيئاً من هذا القبيل، وكأن هذا النظام فريد من نوعه من حيث الفتك والكذب والسفك. ولو أنني قرأت هذا الكتاب قبل الثورة السورية، لكنت قد اقتنعت بأفكارها السلمية والداعية إلى بناء مجتمع خال من العنف، لكن واقع حال سوريا كان بمثابة دحض لأفكار هذا الكتاب،
الدكتور محيي الدين "؛ هكذا صارَ لقبُ خطيب مسجد سعيد باشا، منذ منتصف التسعينات. على حدّ علمي، فإنه كان قد فشل عدة مرات بنيل الشهادة الإعدادية حتى زهدَ فيها واتجه على ما يبدو لتحصيل الدكتوراه، غيابياً، من جامعة الأزهر القاهرية. وهذا تماماً ما سبق وفعله الشيخ الحسون، مفتي الجمهورية، الذي عينه وريثُ آل الأسد بمكان الشيخ الراحل، العلامة أحمد كفتارو؛ أحد أهم الشخصيات المتنوّرة في العالم الاسلامي
وهو ما دعى الى ظهور ما قد سمي بالنهضة . هذه التي ما كان لوجودها معنى لو ظهرت في القرون الماضية . وهذه التي لو لم تضع في جدول مقاصدها السلطنة ما كانت لتضل النهضة نائمة ، او ما كنا لنضل في اماكننا بين اليقضة والسباة الى اليوم من الافغاني الى محمد عبدة الى الكواكبي الى معروف الرصافي وابن باديس ، والخطابي وخير الدين ، والثعالبي والطاهر الحداد ... وغيرهم وغيرهم ... فقد سعوا الى الاضاءة من ناحية ، وضربونا على الناصية بقولهم اتباع الخليفة ، ووجوب التبرك بسلطته الدينية من ناحية اخرى فلا خرجنا من سلطته ولا واصلنا النوم في اماكننا ...ليسمح لي القارئ العربي بداية في طرح السؤال التالي : هل العرب امة قابلة للنهوض ؟ السؤال في الواقع ومنذ وقت بعيد كان ينخر في دماغي دون هوادة ، وكنت في كل مرة احاول ان اعود الى ما يمكن ان استعين به من اجل اخماده ، ولكن وبسبب ضعف لا اعلمه ، او ربما نشوة زائفة تلاحقني ، كنت دوما اعود خائب المسعى حتى هذه اللحظة . لاجدني من جديد اعيد السؤال على نفسي وبكثير من الملل والارهاق ، هل نحن امة قابلة للنهوض ؟ انا في هذا المجال لا احدد انتمائي اليها اديولوجيا او عرقيا او جغرافيا على اقل تقدير ... ولكني احاول كشفه حضاريا لا غير . سوف لن اذهب بعيدا جدا في التاريخ لانطلق من اواخر القرن الخمس عشرة واوائل القرن السادس عشرة ، اي من نهاية نهاية الاندلس وبداية التمدد العثماني في الشمال الافريقي .حيث كما هو معلوم ان المسلمين الاندلسيين قد هجروا بالقوة الى هذه المنطقة ليستقروا فيها كلاجئين لمدة من الزمن على امل ان يعودوا في يوم رجوه قريبا وهم يحتفظون بمفاتيح مساكنهم التي تركوها خلفهم ( وهذه حقيقة اعلمها من فم الاباء والاجداد وهم لم يسمعوا لا بالقومية العربية ولا بذكرى الخروج ، ولا كم مضى عليه من الزمن الى حدود ثلاثين سنة مرت ... المفاتيح في الخزائن تورث معك جملة واحدة : متع دارنا في غرناطة ) وينتضرون ان تسعى السلطنة من اجل ان تعيد لهم ارزاقهم وشيئا من حلمهم المتهالك على بعضه البعض . ولا ياتي ذلك اليوم ، لا لشيء الا لان موسم الازهار الحضاري ضل آفالا طيلة الحكم العثماني والذي لم يحاول ولو مجاراة ريه فهو قد قدم كما كل الفاتحين لبدان العالم ان ينسخ الموجود بما هو معه ، بداية من اللغة ووصولا الى الحاكم او النائب ذاته ... قد تكون هذه سنة الفتوحات ، ولكن ما لم يكن متفقا معها ابد هو ان الحاكم والعسكر والجباية والمذهب الديني ، ونمط العيش ، وما نسميه الان التقاليد ضلت مزدوجة في الايالة الواحدة ، بمعنى ان الاتراك في تونس مثلا لهم مذهبهم الفقهي والاهالي لهم مذهبهم ، الاتراك لهم لغتهم والاهالي لهم لغتهم ، الاتراك لهم نمط عيشهم وكذلك الاهالي ، الاتراك لهم عسكرهم النضامي والاهالي لهم امنهم الشعبي ... اما المنتوج الثقافي فلم يكن ليرتقي الى التميز من الجهتين لسبب بسيط وهو انه ما كان ليرتقي من جامع الزيتونة الى سدة الاتراك ، وما كان منتوج الاتراك ليخترق ابوابهم الى الخارج ... وبتوالي السنوات ما كان ليتطور شيء . فمنذ دخل بربروس الجزائر والى ان تم خلع الباي في تونس اي على امتداد اربعة قرون من الزمن تقريبا ما كنا لنشاهد اكثر من مساجد حنفية تبنى ، او البسة على المودال التركي او في ارفع الحالات القاب للحكام الجدد من باشا وباي وداي ... صحيح انهم صدوا هجومات الاسبان في بعض الاحيان ، وبعناء وبعد سنين من التحكم في احيان اخرى ولكن هل كانوا يفعلون ذلك تكرما ام بقسط من الاموال التي كانوا يجبونها ؟ وهل كان الاهالي سيقفون مكتوفي الايدي باقي الدهر ان لم يدافع عنهم ؟ لقد رضي الناس بهم حكاما لا لشيء اكثر من وحدة العقيدة التي تجمعهم وكفا للدماء كما يقال ولكنها كانت الفترة الاكثر ضحالة من الناحية الحضارية على الاقل ، في تاريخ الشمال الافريقي منذ تاسيس قرطاج وعبر العائلات الاربع الكبرى التي حكمت خلال التاريخ الاسلامي ... وهو ما دعى الى ظهور ما قد سمي بالنهضة . هذه التي ما كان لوجودها معنى لو ظهرت في القرون الماضية . وهذه التي لو لم تضع في جدول مقاصدها السلطنة ما كانت لتضل النهضة نائمة ، او ما كنا لنضل في اماكننا بين اليقضة والسباة الى اليوم من الافغاني الى محمد عبدة الى الكواكبي الى معروف الرصافي وابن باديس ، والخطابي وخير الدين ، والثعالبي والطاهر الحداد ... وغيرهم وغيرهم ... فقد سعوا الى الاضاءة من ناحية ، وضربونا على الناصية بقولهم اتباع الخليفة ، ووجوب التبرك بسلطته الدينية من ناحية اخرى فلا خرجنا من سلطته ولا واصلنا النوم في اماكننا ... اما تركيا فقد نفضت نفسها منه باغلى الاسعار . واما نحن فقد بقينا في اماكننا بدون اسعار ... قد يضن القارىء من خلال حديثي هذا اني اندب حظ الامة التعيس ولكني في الواقع احاول ان انبه الى ما نزال نواصل السير فيه ، فكل منتوجنا الحضاري اليوم ومنذ قرن من الزمان غير منسوب الينا وانما الى الغرب ، وكل الانجازات رغم قلتها من الاختراعات الى الاكتشافات الى البحوث ، الى الانماط السياسية ، الى المذاهب الاديولوجية ، الى المال الذي يتداول بين اصابعنا ، الى مصادر علمنا ومراجعنا ، الى تشريعنا ، الى آلة الحرب التي تقتلنا ، او نتقاتل بها ، وحتى اسماء ازقتنا وشوارعنا ، ونزلنا ، وهندسة منازلنا ، والمدافعون عن انسانيتنا وهم يحملون اسماءنا وعلى صدورهم شارات الانتماء حضاريا الى غيرنا ، او بالاحرى الى غير ما كان الجيل السابق يتخيل انه قد شرع في بنائه من جديد او بعث االروح فيه ... وان لم نقتنع فليسال اي منا نفسه بعد قرن من الزمان كيف سيعرف السيد زويل مثلا ؟ هل يمكن ان يقال بانه مصري او عربي ... لا اعتقد ابدا وان ابى هو ذلك ، فسيقال عنه كما يقال عن الخورزمي مثلا او عن الكندي ، او غيرهما ... وكذا الامر بالنسبة لنجيب محفوظ ، او للبرادعي او غيره (وانا اذكر هذه الاسماء فقط لانها الاكثر شهره ) اننا لا ننتمي الى انفسنا حضاريا ، وان كنا نتكلم هذه اللغة ، ونقدس لملوكنا صباحا مساء اننا ننتمي الى حضارة اخرى جايلناها لا اكثر ولا اقل ، ننتمي الى الغرب حتى وان لم نزره ليوم واحد في حياتنا ... قد لا نعي ذلك الان ، وربما يمضي وقت طويل قبل ان نعيه . ولككنا حينها سنجد الكثير الكثير قد تغير فلا نحن نحن ولا نحن غيرنا . ولكن نهوضنا بالتاكيد سيكون قاسيا ومكلفا جدا .
محمد علي الشحيمي
تونس . ايطاليا
ومثلما تنحنح من شبح ما ، تنحنحتُ وأنفرجت بعض الشئ أساريري حين قرأت موعظة النار وأزحت ستارة النافذة ورايت الغبار – التراب قد غطى هذه المرة بعضَ الأشياء التي لم تغط عند الفجر ،تذكرت أني ذبحتُ ديكاً ذات يوم لشجرتنا التي لاتنمو ومررت بدم رقبة الديك على ساق الشجرة وماهي الا إسبوعين ونمّت الشجرةُ وأسبوعين وعلت بعلو السياج وأسبوعين وأثمّرت وحين سُئلت قلت أتت لي هذه الفكرة من روايةٍ (لشتاينبك ).. سعدت لأني لن أقرأ المتبقي من أليوت فجهنم سأقول لها إلى جهنم وبئس المصير وليس أمامي الآن إلا أن أزيح الغبار عن المساحات التي تتجول بها العيون ولكن قلت لنفسي لا أملك ديكا .. ؟ثم فاصل العقل لايقنع بتغيير هذه الآزلية الخالدة وقدرة الخالق بالطبيعة ورجها رجا متى يشاء ، شئٌ ما شيطانٌ ما قال لي جرب
في حين يكون تضليل العقل عن الحقائق مجرد وعكة سريعة الزوال، عندما يتم فيه تهميش تلك القدرات، ويُنظر إلى الفرد فيه بوصفه كائناً سلبياً لا يتلقى معلوماته إلا من المصادر المحددة له من قبل جهاز معين، وبالتالي فإنه كلما تسارعت نبضات التغيير في الطرف الآخر المتطور (فكرياً وتقنياً ورفاهاً)، كلما قصر عمر التضليل الثابت والمعتمد على فكرة ثابتة أو مبدأ ثابت. وهذا ما يمكن ملاحظته في الدول المتخلفة، ودولنا العربية في المقدمة، وبصورة أخص هذا النظام السوري الفاقد للشرعية والانسانية، حيث الحجج نفسها وتناول الأحداث- على اختلافها- بالطريقة
وأمام ضغط وسطوة آل سعود يسلم الرجل الى سلطات بلده وأمام محاكم صورية تنزل به أشد العقاب سيكون مصيره مرعبا ً . تغافل هؤلاء الغوغاء عن باب التوبة، يريدون غلقه وقد تركه الله مفتوحا ً للناس . أخذوا من الدين قشرته وتركوا الجوهر، نسوا بأن الدين سلام وعدل ومحبة وغفران لا دين إرهاب وكراهية ولا انتقام . لنفرض بأن الرجل تجرأ فعلا على الرسول الكريم وخاطبه بما لا يليق من الكلام، ألم يتراجع عن موقفه ويعلن التوبة ؟
رائحة الدم قوية وفواحة منذ انسحب الياسمين واخلى المكان للموت المتقدم من كل صوب ، وعما قريب ستصبح مثلي مدمناً على تلك الرائحة وعاشقاً لها خاصة إذا كنت من سكان الأرياف والضواحي النائية ، فقد تنتبابك في الليل مشاعر مخيفة ورغبة ملحة للدم وتبدأ ملامح التوحش بالظهور عليك وتشعر شيئاً فشيئاً بأنك تتحول إلى شيء آخر كائن آخر يشبه دراكولا وهنا لاتخف ولاترتبك لأنك لن تصبح كذلك ابداًفدراكولا أيها الصديق شخص متحضر لايقتل بني جنسه
وتأتي ملحمة الدستور الجديد لتضاف إلى ركام متناقضات السلطة التي ما زالت تطالعنا بها، وعليه سأقف في هذه المقالة المختصرة عند بضعة نقاطٍ تتعلق بمسودة الدستور الجديد، مع التنويه إلى أني لا أسعى إلى تقديم تحليلٍ مفصلٍ لبنود هذه المسودة.
فقد راعني وأنا أقرأ مسودة الدستور حجم الإقصاء المبثوث في كلماته ومواده. فاعتبار الشعب السوري جزءاً من الأمة العربية صحيح، إلا أنه يتحول إلى إقصاءٍ حين يتجاهل دستور الوطن، ولو بالإشارة، المجموعات الإثنية والعرقية الكثيرة وغير العربية والمتجذرة في تاريخ الوطن
في ثمانينات القرن الماضي وإبان الحرب العراقية- الإيرانية كان الإيرانيون يرددون مثلا يؤمنون به ويمثل مصداقية عالية في وجدانهم. يقول المثل " إيران إيرانستان نمي شود" أي إن إيران لن تتحول إلى إيرانستان أي إنها لن تنقسم وتنشطر على نفسها إلى أجزاء. إيران شعبٌ في قارّة أو ما يشبه القارّة لإتساع مساحتها, ولتنوع وتعدد في قومياته وأديانه وطوائفه. وهناك أمر يثير الانتباه فلدى أغلبية الشعب الإيراني هناك مكانة خاصة للمرأة وحضورها لافت في مختلف المجالات, تشعر كأن إيران لا زالت تحتفظ ببقايا من المجتمع الأمومي, ونادرا ما تشاهد مظاهر للعنف في الشارع كما ترى الاستهجان لهذه المظاهر على وجوه الجميع. فاحترام المرأة ونبذ العنف
حين كان خالد العظم، السياسي والاقتصادي السوري المخضرم، رئيسا للوزارة، في العام 1950، اتخذ سلسلة من أهم القرارات التي دعمت الاستقلال الاقتصادي لسورية بعد حصولها على استقلالها السياسي. واحد من تلك القرارات كانت بناء مرفأ سوري في مدينة اللاذقية. كانت سورية ولبنان مقبلين على الانفصال الجمركي الشهير، وكان لا بد لسورية، حرصا على ضمان مصالحها، من وجود مرفأ خاص تسيطر به الحكومة السورية على حركة الاستيراد والتصدير. وقدرت كلفة إنشاء المرفأ آنذاك بخمسة وعشرين مليون ليرة سورية