بسبب عنف السلطة وهمجية استعماله، تطوّر الحراك الجماهيري رداً على ذلك إلى معارضة مسلحة، ثم تشظّت هذه المعارضة إلى مجموعات مسلّحة منفصلة بعضها عن البعض الآخر، لكل منها أهداف مختلفة وممارسات مختلفة. ولم تستطع فصائل المعارضة المسلحة هذه أن تتوحّد تحت قيادة واحدة طوال ما يقارب السنوات الخمس بل تشظّت أكثر فأكثر وشكلت عشرات المجموعات المسلّحة يقود كل منها قائد،
وهنالك دين وطوائف أصبحت تعبد لذاتها لا لله، هكذا أما عناداً بمن خالفها، أو اعتزازاً بها كموروث، فالذي ولد في مناطق سنية يصبح سنياً والذي ولد في مناطق شيعية يصبح شيعياً وكذلك المسيحي واليهودي والبوذي والسيخي، فمن ذا الذي يفكر ويشكك ويقرأ ويطالع ويتفكر بجميع الأفكار قبل اعتناق ديانة ومعتقد وتوجه سياسي قبل الأيمان بشيء قد ورثه؟!
من هذه الأعمال نذكر: صلاح الدين الأيوبي الذي لا يمكن أن ننسى وصيته لأبنائه، حين قال : إياكم و الدم فإن الدم لا يموت، أيضاً نتذكر من تلك الأعمال الكثيرة، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف، الخيط الأبيض، الثريا، حدائق الشيطان، الشوارع الخلفية، صديق العمر، و هو العمل الذي أدى فيه شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ببراعة بالغة.
في خريف العام 1971، قدّم الأخوان رحباني على خشبة “معرض دمشقي الدولي” مسرحية “ناس من ورق”، وتضمّن هذا العرض لوحة غنائية بديعة لعبت فيها فيروز دور زنوبيا ملكة تدمر. تبدأ اللوحة مع اعلان تمهيدي من “المهرّجة” جورجيت صايغ: “طلّو من الشبابيك/ وقفو على الطرقات/ ودّعو زنوبيا/ الملكة العظيمة/ بدّا تترك تدمر/ لأنها حبّت تدمر”. تخرج المهرّجة، وترتفع أصوات الأبواق.
يمكن اعتبار كل ما مضى الصورة الخلفية للواقع الذي يعاد إنتاجه على الخشب، قبل أن نجد أنفسنا داخل إحدى مدارس الغوث، التي صارت الآن مركز إيواء للمقصوفين. من هنا يبدأ العرض المسرحي، ومن هنا يبدأ المخرج يعرض علينا تفاصيل مأساة أخرى، لا تقل ألماً عن مأساة القصف ذاتها، حين نرى الفتاة التي كانت يافعة (حنين)، وقد أصبحت الآن قعيدة الكرسي المدولب، تحيط بها دنيا غزة، التي لم تنج من استثمار بعض أبنائها لمعاناة أبنائها الآخرين.
فالعنف المسلّح في بداية الثورة من قبل النظام السوري ومليشياته المعروفين بــ" الدفاع الوطني"، أدّى إلى خروج ظاهرة خطيرة لم يعهدها الشعب السوري بتاتاً، وبرزت هذه الظاهرة بشكل واضح في منتصف عام 2012 لتستمر حتى الآن. ألا وهي ظاهرة الخطف التي أرّقت المجتمع السوري من كلا الطرفين ( مؤيدون أو معارضون ) للنظام السوري.
هناك فرق كبير بين الاختلاف في وجهات النظر سياسيّاً، وبين تأييد المجرمين والقتلة، فالتأييد لوجهة نظر سياسيّة شيء وتأييد الإجرام شيء آخر، وكما أنّ الإجرام خارج الحقل السياسيّ ومجاله هو القضاء، كذلك المؤيّدون له، هم خارج الحقل السياسيّ ومجالهم أيضاّ مجال القضاء والعدالة، فليس من الاختلاف في شيء وليس من السياسة في شيء وليس من الأخلاق ولا الوطنيّة أن تعتبر وقوفك إلى جانب القاتل أو المجرم رأيّاً سياسيّاً.
إن النظام السوري كان على وشك الانهيار بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي حلّ به لولا تدخّل إيران وروسيا اللتان كانتا تضخان ملايين الدولارات شهرياً إمّا على شكل مساعدات نقدية تُدوّن كقروض،
تشير دراسة وضعها أخصائيو بيانات في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ13 حزيران 2013 إلى أنّ عمليات القتل تتواصل بشكل مخيف وبنسب مرتفعة لتسجل شهرياً 5000 حالة قتل موثقة بما في ذلك حالات قتل جديدة مجموعها أدنى بقليل من 000 27 حدثت منذ 1 كانون الأول/ ديسمبر.ووفقاً لما تشير إليه الدراسة أن هذا الرقم حد أدنى لعدد الضحايا. ومن المحتمل أن يكون العدد الفعلي للذين قُتلوا أكبر بكثير من هذه الأرقام.
تتحرّك الحكاية بين زمنين يحيل أحدهما إلى الآخر وفق قاعدة السبب والنتيجة . الزمن الاول استشرافي"يحدث الآن" في عام 2020، والزمن الثاني "إرث النار" هو زمن الحكاية الأم التي تتفرّع هي الاخرى إلى حكايات صغيرة تمتدّ بين ثمانينات القرن الماضي ومطلع القرن الواحد والعشرين، وفق خطّ سيرِ ثابت إلى الأمام محاكيًا الزمن الكرنولوجي .