ثمة ردة نشهدها الآن إلى الشعر، في ما إذا كانت هناك هجرة في الأصل عن عوالمه، ولعل في عدم ظهور أصوات خاصة هو لأن من كان يكتب في مرحلة ما قبل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي لما يزل نصه مستمراً، بل إن الضجيج الذي يرافق هذه النقلة العظمى على صعيد النشر، واختلاط الأصوات، وغياب المعايير، وما يمكن أن أسميه بـ"صدمة الناقد" إزاء هذا الزخم من الأصوات المتكاثرة، المتشظية، المتصادية، واستمرار مواظبته على محض أدوات تدوينية تعو
"النكران"
من أقاصي البعيدِ
إمرأةٌ
تخبئ
نبتة نورٍ
أزهرت
من غزالة حبي
في قلبها،
و ببعض الجهد، أدارت ظهرها نحو الريح، و تمكنت من إشعال سيجارة، و جلست في مكانها بيأس، و هي تفكر برتابة حول كل شيء لا يمكن تكراره: تلامس أيديهما، تلك الشرارة، أحيانا بالصدفة و أحيانا بتعمد و رغبة: و الإثارة القادمة من رائحته المعطرة، و ذوبانها في تلك الرائحة، و النظرات المتفهمة، و كل منهما يقرأ ذهن الآخر، و نفس الفكرة في نفس اللحظة، التقارب الهادئ و الثابت، يد بيد، كما لو أن هذا هو وضعهما الطبيعي و الوحيد. متعة التلاصق،
أقول إنه اكتئاب وحدة الخريف،
أقول إنه الشوق إلى البحر البعيد،
ولو سألني أحد عن سبب شجني،
لا أجرؤ على التفوه باسمكِ.
لا أجرؤ على النطق باسمكِ،
لو سألني أحد عن منبع همومي:
أقول إنه توق إلى البحر البعيد،
وكآبة وحدة الخريف.
وفي مقابل هذا التصوير الروائي لأيروس كسلعة استهلاكية تعبر عن الانزياح الذي فرضته السلطة السياسية على ثقافة الرغبة، فإن بعض الدراسات تشير إلى نماذج أخرى للموضوع الأيروتيكي في الأدب الأمريكي. تقدم بعض الأعمال صورة مغايرة لأيروس باعتباره قوة فاعلة وقادرة على تحدي السلطة وثقافتها السائدة. “فتيات سيئات وسرد مشاغب: الأيروتيكي وعصيان النص”،
و في وسط هذا المشهد السياسي المضحك المبكي الذي هيمن على عقود من الكتابة، لم يقارب غرين السؤال المركزي الخاص بالعقيدة والإيمان إلا في (قضية فاشلة ، 1961). تدور الأحداث في مستعمرة جذام كاثوليكية في الكونغو وتدين بالكثير لعمل كونراد (قلب الظلام)، وهكذا تخبرنا الرواية بحكاية كويري، وهو مهندس كاثوليكي عالمي مشهور، فقد الإيمان بالرب. إنه الجذام المجازي، ويمثل الدرب المسدود الذي تقودك إليه الرغبة والحب، والألم السيكولوجي أيضا.
لقد تعمّد المخرج تجاهل الكثير من الحقائق بحجة أن الفيلم تربوي مع أن الفيلم وثائقي وحصل على جائزته الغربية ضمن هذا التصنيف. ولأنه وثائقي فلنا أن نطالب الفيلم بتقصي الحقائق التي أجبرت بعض المقاتلين على الانخراط مع "النصرة"، ونطالب الفيلم بتقصي الحقائق التي جعلت بعض الناس في الشمال السوري يؤيدون "النصرة" في بداية انطلاقتها، ولأنه وثائقي فلنا أن نطالب الفيلم بتسليط الكاميرا على المسبب الأول لكل هذا العنف والإرهاب، لا ضير مطلقاً
بمجرد خروجي، توجهت إلى قاعة سينما صغيرة بالحي الذي أسكنه حيث اكتشفت أنهم يعرضون نشرة الأخبار التي لعبت دوراً فيها. دخلت إلى القاعة كي أرى نفسي على الشاشة. لاشك أنني كنت عظيماً، ولو أنكِ تابعتِ نشرة الأخبار بعناية فلن يمكنكِ إغفال وجودي لأنني ذلك الشاب الذي يرتدي بالطو صوف أزرق، والذي سقطت قبعته حينما بدأ الجري. هل تتذكرين؟ لقد استدرت عن قصد ثلاث أو أربع مرات كي يظهر وجهي في الفيلم، وأعتقد أنكِ شاهدتِ ابتسامتي
من سيهتف في ملاعبكم
يصمت في برلماناتكم
من سيشتري خبزكم
ويقف أمام زحام أفرانكم
من سيشترك في خدمات أنترنتكم
من سيقرأ جرائدكم
يتفرج على تلفزيوناتكم
ننسى كل شيء
امرأة شابة تجابه تقاليد المجتمع الذكوري، وتتحدى ممارسات الكنيسة وتَجَبُّر الشرطة. هذا ما تقدمه المخرجة المقدونية تيونا شتروغر متفيسكا في فيلمها «الرب موجود.. اسمها بترونيا»، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين في دورته التاسعة والستين. ولكن على الرغم من بداية قوية وزخم كبير وأداء متميز من شخصيته الرئيسية، تأتي خاتمة الفيلم متعجلة تفتقر إلى القوة الحاسمة التي كنا نرجوها،