صحيح أن ذلك اليوم هو الجمعة، والخطبة خطبة جمعة، لكن المجمل كله بدا كما لو كان حفل تتويج ( طقسا ورمزا ) فكل شيء مشحون بالرموز والأصداء التي تشير إلى عالم من الماضي، لا يعكّر عتاقة الموقف إلا المرْوحة التي علقت خلف الخليفة، وساعة الرولكس التي في يده اليسرى.
قبل ذلك اليوم ظهر الدواعش في الموصل كما لو كانوا رُحّلا؛ أولئك الذين قال عنهم نيتشة:
رفضت المعارضة السورية الخارجية مبادرة دي ميستورا لعدم جدواها وفق وجهة نظر هذه المعارضة. كما رفضتها المعارضة المسلحة في حلب وريفها لأنها، كما تعتقد، تعطي فرصة للسلطة السورية لنقل عسكرها إلى مناطق أخرى، وتقضي على سيطرة المعارضة على بعض مناطق المدينة، كما أبدت اعتراضها على شروط السلطة الأخرى واصفة إياها بالتعجيزية. أما السلطة السورية فقبلتها محرجة ومتوقعة رفضها من المعارضة السياسية والمسلحة،
وبالطبع، فإن العدم يساوي عدم إدراك الوجود أو وعيه وعياً صحيحاً، ويكاد هذا ما يحدث بالضبط في عالم العرب اليوم، وإذا كانت المسيحية كما يقول المؤرخون قد اكتسحت الأمبراطورية البيزنطية، فلأنها جاءت إجابة عن أزمة روحية كانت تعصف بأهلها، والأمر نفسه حدث عندما اكتسح الإسلام أمبراطوريتين واسعتين وهائلتين، ويمكن الملاحظة على سبيل المثال أن «تركيا» لم تكن تركية، كانت بلاد الروم،
ثمّة من يعتبر أن الثورات العربية نفسها ما هي سوى خطّة من خطط أمريكا في حربها على الارهاب. هل يعني أنّ ثورات برمّتها هي مجرّد اشاعة أو وهم أو خدعة؟ هل صارت دماء أبنائنا الذين سقطوا في شوارع تونس و مصر وليبيا وسوريا.. كذبة ؟؟ لا أحد بوسعه أن يقدّر مدى مكر الأجندات المافيوزية العالمية.. لكن لا أحد يحق له أن يختزل أحلام و دماء وأوجاع شعوب برمّتها في مجرّد خطّة سياسية..
ما يسري على سورية يسري إذاً على ليبيا. لا بد من التسوية السياسية أولاً، وإن كانت شكلية، إذ إن التغيير السياسي في بغداد ظل إلى اليوم قاصراً عن الأهداف التي توختها الإدارة الأميركية. والدليل أن القوى السنّية تتردد في خوض الحرب، بل تتعالى الاتهامات من منظمات دولية وقوى محلية، رسمية وأهلية لميليشيات «الحشد الشعبي» بارتكاب جرائم حرب. وتحذر من سياسة واضحة بغية تغيير ديموغرافي في مناطق كثيرة حتى تلك التي لم يصل إليها «داعش».
تتجه سوريا الى حرب الهويات الشاملة أو الجزئية، خصوصاً في مناطق التّماس بين الهويات، وبالتحديد الحدود الجغرافية المحتملة أن تكون حدود اطمئنان للهويات المتعددة ضمن اطار سياسي جديد، أو تجاوز شكل الماضي للدولة والدستور، وبناء عقد اجتماعي جديد توافقي مرحلي مؤقت بين الهويات السورية من انتاج العقل الجمعي المتعدد للقيام بتحضير المجتمع، ذهنيّا، وثقافيا، واقتصاديا وسياسيا إلى مرحلة التحوّل الديموقراطي الحقيقي.
لا تفسر المشهدية والوحشية الارهابية، العناية الفائقة لـ«داعش« بعملية إعدام الطيار الأردني. فقد أعدمت «داعش« المئات من السكان المحليين في الأراضي العراقية والسورية التي تسيطر عليها، لكن أياً من هذه الإعدامات لم يحظَ بأي اهتمام تصويري من «داعش«. فهؤلاء ليس لهم أي أهمية حتى يتم تصوير إعدامهم، وإعدامهم لا يرهب أحداً، فلا أحد يكترث بهم، فهم يعدمون على عجل وبطلقة في الرأس وأمام جمهور حضر بالصدفة، يكون عادة من المارة
“الموضة” حالياً تدور حول اتهام الآخر، وهو الغرب بالتأكيد، وليس روسيا فلاديمير بوتين، أو كوريا كيم جونغ أون، أو إيران علي خامنئي، بأنه وممثليه: “لا يفهمون العقلية العربية”. وبالتالي، “الغربيون لا يستطيعون تحديد مواقف واضحة مما يحصل في منطقتنا، ويدعمون حركات فوضى وخلخلة للنظام العام، ظنّاً منهم بأنها ثورات تسعى إلى الحرية”. ما ينجم عنه أيضاً، أن هذا الغرب، وهنا لا تمييز بين رسمي وبحثي، لما لهذا التمييز من غرابة في عقول “الباحثين” العرب،
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موجهًا خطابه للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، «أنت والدعاة مسؤولون أمام الله عن تجديد الخطاب الديني وتصحيح صورة الإسلام». وخاطب العلماء «. والله لأحاججكم يوم القيامة، فقد أخليت ذمتي أمام الله لأنه لا يمكن أن يكون هناك دين يتصادم مع الدنيا كلها، فالمشكلة ليست في الدين ولكن في الفكر، وهذا يتطلب دوراً كبيراً من علماء الأزهر والأوقاف»
وأضاف المؤلف: على الجانب المقابل يقف الأدب بالمرصاد، فهو على خلاف دائم مع الدكتاتوريات، أيّا كان شكلها ومهما كان جبروتها، فالفنان وان كان لا يمتلك سوى مخيلته الفنية فإنّه يعتمد عليها (وحدها) في مواجهة هذا الطاغوت، تارة باستخدام الرمز، مثلما فعل الأديب الليبي الكبير إبراهيم الكوني عندما جعل من «القفص» معتقلا في قصته البديعة «القفص»..