وباختصار، هم الآن يتظاهرون كي لا يعودوا ضحايا. ضحايا فقر وعوز، ضحايا قانون لا يمنح الجنسية لأمهاتهم، ضحايا مدارس تركها بعضهم ليتشرّد في طرقات "الوطن"، ضحايا تمييز بشع مورِس عليهم في كل حين، تمييز يقلّل من شأنهم ويهين كرامتهم عبر اختلاق تمايزات مريرة تزرع الكره بينهم وبين أقرانهم "الأفضل" منهم، تمايزات صنعها الاستبداد ليكرّم من لا يستحق ويُعلي من شأن الوضاعة مغيِّباً العدالة. يتظاهرون لأنهم هم من كانت مسلسلات الأطفال الممنهجة تحبطهم أكثر فأكثر لتشعرهم دوماً
أن مظاهرات المدن والشوارع، القرى والأرياف السورية لا تعلن عن يأسها الكامل من أي حل قد يبدر عن تلك السلطة "المأزومة" وحسب، بل أنها ترفض أي "حوار" معها. مع أن دماء أبناء هذه المدن وتلك القرى لم تكف يوماً عن السيلان، وقد لا تكف في المنظور القريب. لماذا ترفض الجماهير كل "حوار" مع السلطة؟ ذلك لأنها قد تخطت عتبة الداخل/الخارج. وعلى مستويين : تنزل الناس في الساحات والميادين، في الطرق وأمام أنظار العالم، أي في الخارج؛ خارج بيوتها ولكن أيضاً خارج السلطة، فيما تتخفى شبيحة وقناصة السلطة خلف العواميد القرميدية، وخلف الأشجار، أو تتخفى في المدرعات المسننةِ بالموت والرعب وهي تداهم البيوت ليلاً. ذلك هو داخل السلطة. أمّا المستوى الثاني، فيتمثل برفض المعارضة السورية الداخلية لأي تدخل خارجي
والآن نأتي إلى الحديث عن تجربتي المتواضعة في ما يسمى بهيئة تحرير «صوت الشعب»
اسمها هيئة تحرير لكنها لا تمت بأي صلة لهذا المفهوم، مجموعة حزبيين كانت تضم عمار بكداش رئيسا، سامر الأيوبي (قبل تكفيره وإبعاده عن الحزب) سكرتيرا للتحرير، وأعضاء الهيئة وليد معماري، ابراهيم زعير، أسامة الماغوط، فايز البرشة، رشيد موسى، وآخرين. .. إضافة لي طبعا. . . هيئة لا تجتمع إلا مرة كل أسبوعين لتقييم العدد الصادر (الصحيفة نصف شهرية) ثم يجتمع بعض أعضاء الهيئة يوم الإخراج ليقوموا بتدقيق المواد على البروفة (الماكيت).
أما الطرف الوحيد الذي يبدو وكأنه يعيش على كوكب سياسي آخر إزاء ما يحدث في سوريا فهو النظام العربي و بعض الحكومات العربية العتيدة، حيث تتمسك بالجمود في مواجهة حرارة ودموية وتاريخية وخطورة ما يحدث في سوريا. كأن ما يحدث في سوريا، وضد شعبها، ليس في قلب المنطقة العربية وعلى حدود أكثر من دولة عربية، كما أن نتائجه ستؤثر في كل الوضع العربي. وبذلك يُترك الشعب السوري
.ExternalClass .ecxhmmessage P{padding:0px;}.ExternalClass body.ecxhmmessage{font-size:10pt;font-family:Tahoma;}ورد خطأً في بيان قوى المعارضة بحمص وهو أن اعلان دمشق في حمص لم يوقع على البيان اننا اذ نعتذر على هذا الخطأ الفادح نعلن أن الصحيح هو لجان إحياء المجتمع لمدني بحمص لذلك اقتضى التنويه و نحن نعتذر ثانية
يرجى نشر الاعتذار في جميع الاماكن الذي نشر فيها البيان
المكتب الاعلاني
.
في الشأن الاجتماعي، ستدعو سورية الجديدة إلى تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر، ونبذ سياسة الإقصاء والنبذ والوصاية، كما يدعو إلى الانحياز الكامل والنهائي في مجالات الحريات الفردية وتمكين المرأة، وضمان حقها في تسلم الوظائف العامة بدون أي استثناء بما في ذلك رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان والقضاء وإطلاق المبادرة أمام الشباب والاهتمام جديا بالأطفال. وسيفترض ذلك لانتقال من أشكال الانتماء ما قبل الوطني، وخاصة الانتماءات القبلية والعرقية والطائفية، إلى الانتماء الوطني وذلك من خلال النقاش والحوار المفتوح وليس عبر سياسة إقصائية أو أخرى تعتبر أن المشكلة غير موجودة.
لقد حاولنا، فيما سبق، تبيان اختلافنا مع ميشيل كيلو في تسميته للوضع الراهن في سوريا "بالأزمة"، وذلك عبر الحاحنا وإصرارنا على أنها "أزمة" النظام وفساد أجهزة الدولة التي يتحكم في مقاليدها، وليس أزمة "المجتمع" وقواه الحية، من الشباب وجماهير "المواطنين العاديين"، دعونا ننظر، باختصار، كيف يعالج كيلو تلك الأزمة" : "ومع أن طريقة الفهم الرسيمة هذه تشكل جزءاً تكوينياً من الأزمة وعقبة رئيسية تحول دون التصدي لها والتوجه الجدي إلى التخلص من أسبابها..." بتعبير آخر، ل،
أمس، بعد جولة ست ساعات في المدينة، كانت طريق العودة ترسمها الدموع والقلق: حماه تحت حصار أهلها... نوافذ البيوت مقفلة... مئات العائلات فرّت خوفاً من المجهول الآتي. السواطير تلف المدينة... وهذه ليست أي مدينة. هذه حماه، وجراح حماه وذاكرة إبادة جماعية. هذه حماه وآلاف حماه وزيارة حماه الدبلوماسية. هذه حماه التي تتذرع بتاريخها... لتعزف لحناً خاصاً من دون قيود.. كانت في عقاب منذ 30 عاما، وخرجت من العقاب بفائض حقد يكفي لإشعال ثورة، ويدوس على بوصلتها.
صار من المحال الذهاب إلى حوار يريد البحث عن حل سياسي / سلمي يتباعد ويتلاشى، بينما تغرق البلاد تحت وطأة احتمالات مرعبة تقودها أكثر فأكثر إلى اقتتال أهلي مهلك سيأخذها إلى مصير يحز في قلوب أبنائها ونفوسهم أن تصل إليه، بينما كان بإمكانهم مد أيديهم إليها بالحوار والأمان، لو تمت تهدئة العنف من فوق وبعض المطالب من تحت، ونجحنا في كبح تصعيد ينفي الآخر، رغم الإقرار بأحقية مطالبه، وفي الخروج من دوامة تزج فيها قوى متعاظمة لن تفضي في النهاية إلى أية نتيجة إيجابية غير هلاكنا، كوطن وكمواطنين .
المتظاهرون المطالبون بالحرية أغلبهم من دون سن الخامسة والعشرين، أي أن سنهم كان أقل من خمسة عشرة سنة عندما مات الأسد الأب عام 2000. ولهذا فهم لا يعرفون إلا الإبن، وهو لا يخيفهم بقدر ما نجح الأب في إخافة آبائهم وأجدادهم. وحتى هؤلاء يعلنون موت الأب-الملك حتى بعد موته حين يهتفون "يلعن روحك يا حافظ". التغيير ليس سهلاً، والخوف من المستقبل الغامض ليس سهلاً أيضاً، وقتل إرث الخوف والكبت أصعب مما تخيلناه سواءاً كنا معارضين مصرحين بمعارضتنا أو معارضين صامتين أو مترجين "فرصة أخرى للنظام". لكن حان الوقت لكي "يموت الأب"، إنه جاثم .