صدر للشاعر السوري أورخان ميسر في حياته القصيرة نسبيا ( 26 ) قصيدة نثرية ، هي من بواكير هذا الأسلوب. و حاول فيها أن يتوازن بالأحرى أن يوازن إبداعات صديقه و أستاذه الدكتور علي الناصر.
و بعد وفاته تابع المهمة الشاقة الرائد و المبدع أدونيس ، و كعادته قام بالعودة إلى النفايات المتراكمة و إلى بقايا أكل الدهر عليها و شرب ، و كما صنع فورد بصديقه الراحل ( كافكا ) اختار له عدة مقالات و مجموعة من القصائد غير المنشورة ، و أصدرها جميعا في العمل الوحيد المعروف لأورخان ميسر و هو بعنوان ( سريال ).
لماذا هذا العنوان ، و ما مناسبته ؟..
خاص ألف
كان ماضٍ، كان حلماً كئيباً
فهل أعاودُ السفرَ مرّةً أخرى؟
ربما..
لأحبّكِ أكثرَ فأكثر.
بين جبالكِ...
غرفة المُسمِّم، ستائر مخملية بنفسجية اللون مطرزة بأزهار الخزامى و الزنبق برتقالية وكبيرة الحجم معلقة على الجدار الخلفي للمسرح، وتغطيه كلياً. وسادة ضخمة قرمزية ارتفاعها أربعة أقدام و عرضها خمسة أقدام تقف عند منتصف الجدار الخلفي قبالة الستائر. أما الجدار الأيمن و الأيسر فلكل منهما نافذة ضيقة أعلاها يتسرب من خلالها ضوء خفيف معتم يشكلان مثلث عند نقطة التقائها بالأرض. يوجد مدخل ضيق و عال مغطى بستارة برتقالية عند منتصف الجدار الأيمن و الأيسر. الأرضية سوداء و مكشوفة. شمعة سوداء كبيرة بعرض ثلاثة إنشات و ارتفاع خمسة أقدام تخرج من جرة سوداء تقع عند منتصف الخشبة تشطر المثلث المكون من الشعاعين الباهتين. وسادات
خاص بألف
مسـعود الأسعـد
الأقدار ...
نقاط تقاطع وتصادم، منعطفات فصل تصعد بالواحد إلى ذرىً لم يبلغها في أبهج الأحلام, أو تهبط به إلى قرارات أعمق من عتمة ليل ماتت نجومه، وقتل قمره قبل موت النهار ..
خاص ألف
مَرَّ نحوٌ من ثلاثين عامـاً على نقلي إلى اللغة العربيةِ مُعْظَـمَ أشعارِ اليونانيّ العظيم كونستانتين كافــافي
( 1863- 1933 ) .
لقد صدرتْ طبعاتٌ عدّةٌ للترجمة المذكورةِ ، ووجدت أشعارُ كافافي سبيلاً لها في المتنِ الشعريّ العربيّ الأحدث ممّا ظلَّ يُشعِرُني بأن اختياري كافافي ، في بغداد المكفهرّة ، آنذاك ، كان لجوءاً إلى حِـمى الشِعرِ وحمايتِــه ، ومحاولةً لقهرِ النوائبِ عن طريق الفنّ ، ومفتتَـحــاً لمنبعٍ شعريّ يغتذيهِ الناسُ ، من محبّي الشِعرِ وممارسيـهِ . في هذه الأعوامِ الثلاثين لم تنقطعْ علاقتي بالرجل ، وهو
تركتُ حياتي
أو تركتني حياتي
وحينما وصلتُ المنـزلَ ، لمْ يكنْ بيتي.
أنا لمْ أكنْ أنا
كنتُ ضيفاً على سَكني- غريباً في جسدي.
أطوفُ في العالمِ، أنا المتسكّعُ
يا عتبتي السمراء المشوهة
لقد ماتوا جميعا، أهلي وأحبابي
ماتوا على مداخل القرى
وأصابعهم مفروشة
كالشوك في الريح
لكني سأعود ذات ليلة
سوف يدرك كل من يهتم بهاييتي ، تلقائيا ، كيف تخرج مأساتها الحالية إلى النور. و بالنسبة لمن لديه ميزة أي تواصل مع شعب هذه الأرض المعذبة ، لا مندوحة أمامه من ذلك و ليس تلقائيا فقط. و مع ذلك ، نحن نقترف خطأ جسيما لو حصرنا تفكيرنا بتسلسل أحداث الماضي القريب ، أو بهاييتي وحدها. إن المسألة الحاسمة هنا هي في ما يجب أن نفعل تجاه ما يجري. هذا صحيح حتى لو أن خياراتنا و مسؤولياتنا محدودة ، و هذه هي حقيقة الحال إلى حد بعيد حينما تكون الأعباء كثيرة و حاسمة ، كما هو مثال هاييتي. و علاوة على ذلك هذا أيضا واقع الحال لأن مجريات الوقائع المقلقة و المرعبة متوقعة منذ أعوام مضت ، و لو أننا أخفقنا في التعامل معها و من منعها. لقد فشلنا فعلا. الدروس المستقاة واضحة ، و هي مهمة ، و ستكون موضوعا يوميا لمقالات الصفحة الأولى في الإعلام الحر. إن مراجعة ما يحصل في هاييتي من فترة قصيرة بعد أن " استعاد "
خاص ألف
لكنها لم تجرؤ على النظر إلى المرآة. لم تستطع أن تواجه ذلك الرعبَ الكامل- - الفستانَ الحريريَّ البشع بلونه الأصفر الباهت وموديله العتيق الأبله وتنّورته الطويلة وأكمامه العالية المنفوشة وصُدْرته وخصره وكل تلك الأشياء التي كانت فاتنةً جدا في كتاب الموضة، ولكن ليس على جسدها الآن، وبالأخص ليس بين كل هؤلاء الناس العاديين الطبيعيين. شعرت بنفسها كأنما هي دُميةُ طرزيّ تنتصبُ واقفةً هناك، لكي يغرزَ فيها الشبابُ دبابيسَهم.
"لكنه، يا عزيزتي، فاتنٌ للغاية!" قالت "روز شاو" فيما تنظر إليها من فوق إلى تحت وهي تزمُّ شفتيها الهَجّائيتيْن بتجاعيدهما الطفيفة، تماما كما كانت قد توقّعت- - أما روز نفسها فظهرت في فستانٍ على أحدث صيحات الموضة، تماما مثل كل الأخريات، مثلما هو الحال دائمًا. وأبدًا.
خاص ألف
مقدمة المترجمة
تصدير: د.محمد عناني
عن "المركز القومي للترجمة"، صدر كتاب "أثرٌ على الحائط"، مختارات قصصية للبريطانية الرائدة "فرجينيا وولف" (1882-1941)، من ترجمة وتقديم الشاعرة المصرية/ فاطمة ناعوت، مراجعة وتصدير عميد المترجمين العرب/ د. محمد عناني. يضمُّ الكتابُ، الذي يقع في 250 صفحة، عطفًا على القصص، توطئةً تُقدّم خلالها المترجمةُ مُدخلا ومفاتيحَ لقراءة وولف، التي وصفتها بأنها مهمةٌ ليست سهلة. ذلك أن وولف، فضلا عن كونها إحدى رائدات مدرسة تيار الوعي التي شكلت ثورةً على السرد التقليديّ ابن القرن التاسع عشر، بكلِّ ما يحملُ