قام «نعيم بدوي» (1911- 2002) و«غضبان رومي» (1905ـ 1989) وهما من أعلام «الطّائفة المندائيّة» في العراق وأبرز مثقّفيها بترجمة كتاب الباحثة «إيثل ستيفانا دراور» (Ethel Stefana Drower) (1879-1972) أو «اللّيدي دراور» (Lady Drower) كما اعتاد تسميتها المشتغلون على مبحث الصّابئة وهو بعنوان:«مندائيّو العراق وإيران: عقائدهم وعاداتهم وأساطيرهم وآدابهم»(1)، وقد نشر لأوّل مرّة باللّغة الانكليزيّة سنة 1937.
ظروف كتابة النصّ المترجم:
كانت «دراور» قد أقامت بالعراق خلال مرحلة الاحتلال البريطاني له في الرّبع الأوّل من القرن العشرين، ودرست لغة الصّابئة أي «اللّغة المندائيّة» وهي من أقدم اللّغات في المنطقة العربيّة
بعد أن غطس يسوع في ماء الأردن وخرج منه، ترك يوحنا المعمدان وجمهرة المتعمدين وجعل يصلي في خلوة مسغرقاً في تأمل باطني عميق: "وإذ كان يصلي انفتحت السماء، ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة، وكان صوت من السماء قائلاً: أنت ابني الحبيب بك سررت." (لوقا 3: 21-22). هذا المشهد الذي يوصف في الأناجيل الثلاثة الإزائية على أنه حدث موضوعي، لم يكن في حقيقة الأمر إلا تعبيراً موضوعياً عن خبرة صوفية وجْدية قادت يسوع إلى الكشف والاستنارة، عقب فترة طويلة من البحث العقلي والكدح الروحي. لقد عرف إلهه الذي كشف عن نفسه في هيئة حمامة، وهذا الإله لم يكن إله التوراة الذي رفضه يسوع في عقله الباطن منذ حداثته وراح يبحث عن الإله الحق. فمن هو إله يسوع؟
من المهم جداً أن نلاحظ أن يسوع لم يستخدم في أقواله الاسم التوراتي يهوه أو بديله
إذا نحّينا قصة الميلاد التي وردت في إنجيلي متّى ولوقا (ولم ترد في إنجيلي مرقس ويوحنّا)، باعتبارها مقدّمة مقحمة على سيرة يسوع اقتضتها طبيعة التغييرات اللاهوتية التي حصلت خلال فترة قرابة نصف قرن بين حادثة الصلب وظهور الأناجيل، فإنّ سيرة يسوع تبدأ من اعتماده في نهر الأردن على يد يوحنّا المعمدان، وهو العمل العلنيّ الأوّل ليسوع الذي يظهر فجأة وكأنّه آتٍ من لازمان ولامكان. فعندما رأى يسوع أنّ الكلّ يقصد يوحنّا جاء من الجليل هو أيضاً للاعتماد على يديه. وهنا يروي لنا الإنجيليون أربع قصص تختلف في التفاصيل أحياناً وتتعارض جذرياً أحياناً أخرى.
ونبدأ كالعادة بإنجيل مرقس، وهو الأقدم والأقرب إلى الواقعة التاريخية :"وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في
أكثر من غيرها واجهت القصيدة النثرية كحساسية جديد سيلا من العناد المحافظ والتهم التي انصبت عليها، مما شكلته من صدمة للأذن العربية التي تربت على إيقاع شعري محدد لقرون عديدة ، ولأن الجديد يعبر عن جدته الفعلية عبر ما يبعثه من صدمات تجاه البنى التقليدية وعبر ما يثيره من قلق كان كل هذا العنت التي لاقته القصيدة الجديدة أحد بواعث قوتها واستمرارها ، رغم أن التهم التي واجهتها خرجت عن التداول الفني مع النص الجديد لتتحول إلى اتهامات أخلاقية وسياسية، تبدأ من خيانة التراث وتصل إلى العمالة والتعامل مع الدوائر الخارجية، لتكون جزءا من نظرية المؤامرة الشائعة .
نلاحظ أيضاً في البنية الاجتماعية القبلية ومن منظور أنثربولوجي الآتي :
أ- أن القبائل التي كونت النسيج الاجتماعي النصيري هي قبائل زراعية حضرية , أي انتقلت من مناطق استقرارها الأولى الجبلية الريفية ( اليمن ) , والتي عاشت فيها أزماناً طويلةً ولأجيال متعاقبة .. كبيئات مجتمعية فلاحية , أو مدنية حرفية وتم انتقالها ضمن جيوش الفتح الإسلامي كفصائل وكتائب مقاتلة و خاضت الحروب .. وكونت قواعد متقدمة في البلدان المفتوحة .. أصبحت تشكل فيما بعد تجمعات مدنية وريفية .. مثل الكوفة في العراق التي بناها الفاتحون المسلمون .. أو بغداد , أو غيرها .
ب- بما أنها ليست قبائل بدوية .. فأفرادها بالتالي ليسوا متخلفين كالأعراب الذين قيل فيهم ( إن الأعراب أشد كفراً ونفاقاً )
لقد كتب تاريخنا في الماضي بأيدي السلطات الرسمية الأموية والعباسية . والعثمانية فأين تاريخ الشعوب والجماعات التي تشكل مكونات بنيوية في مجتمعنا ... وأين تاريخ القوى السياسية المعارضة لهذه السلطات ...؟ ( التي نعترف جميعاً بفسادها وبعدها عن جوهر الدين وأخلاقه ) ... ألم يكن في الصراعات السياسية التي حدثت على مدار أربعة عشر قرناً , تاريخاً لأحزاب المعارضة يُكتبْ ؟ ... وإنجازات علمية وفكرية وفلسفية تحققت من قبلها ؟ ... وإمارات ودويلات نشأت ..., وأنجزت العديد مما يفتخر به العرب اليوم ...؟ وأين هم هؤلاء المعارضون ؟ وأين استقروا ؟... و من أين قدموا ؟ ... وهل قدموا من كوكب آخر ؟ ... أم من الأرض العربية في جزيرة العرب التي هي منشأ الجنس العربي * , كما اتفق عليه جميع المؤرخين المعاصرين و الأقدمين وحسب النظريات العلمية الأثنولوجية الحديثة أو
المعمودية، وهي طقس ديني يتضمن غمر الجسد بشكل كامل في الماء، ممارسة موغلة في القدم. ففي الثقافة السومرية (الألف الثالث قبل الميلاد) كان إله الماء يدعى إيا، أي إله بيت الماء، وكان معبده العلوي الذي يقيم فيه بين الناس نظيراً لمسكنه السفلي في الأعماق المائية العذبة، ويدعى بيت الطهارة حيث كانت تجري طقوس الاغتسال بالماء. (1) أما الرمزية الكامنة وراء هذا الطقس فمؤداها أن غسل الجسد بالماء هو مظهر خارجي لتطهير الروح، والمغتسل بالماء الذي يذهب بأدران الظاهر إنما يُعبر في الوقت ذاته عن غسله لأدران الباطن. كما أن الغطس الكامل في ماء نهر مقدس أو في جرن العماد الموضوع في المعبد ثم الصعود ثانية، يُعبر عن الموت والانبعاث، موت الفرد عن نفسه الأرضية والانبعاث في نفس روحانية .وتتخذ المعمودية مركز البؤرة في طقوس ديانات الأسرار التي شاعت في العصر الهيلنستي والعصر الروماني، والتي تقوم عقائدها على الإيمان بإله مخلّص يقود العابد الذي اتحد به إلى الخلاص من ربقة
قبل الولوج في أي نص، لا بد من المرور من خلال عتبة أو عتبات هذا النص، ولعل الغلاف هو أول ما يجذب انتباهنا إلى هذه العتبات، فهو يحمل العنوان الرئيس للنص ولوحة الغلاف، كما يحمل اسم المؤلف وتاريخ النشر ودار النشر والطبعة.
ولعل أهم ما لفت انتباهي هو عدم وجود اسم المؤلف، وعدم ذكر اسم الناشر الذي هو ملتقى الصداقة الثقافي، فالغلاف الذي يشكل بوابة النص الرئيسة يخلو من أية بيانات ترشد القارئ إلى هوية الكتاب أو كاتبه أو ناشره، على الرغم من وجود ما يفيدنا بأن الكتاب هو مجموعة قصصية.
وفي الصفحة الداخلية نجد الإهداء، فالكاتبة تهدي كتابها إلى كل روح تنقش زنبقة في الذاكرة ولا تخاف السقوط في هوة النسيان، ولا أدري لماذا فضلت استخدام كلمة تنقش ولم تستخدم كلمة تغرس، فالغرس يبشر بالنماء ويوحي باستمرار الحياة، ثم تثني بإهداء عملها إلى وطن
في رواية لجابر بن عبد الله أنّ النبيّ "رأى امرأة، فدخل على زينب بنت جحش، فقضى حاجته منها، ثمّ خرج إلى أصحابه فقال: إنّ المرأة تقبل في صورة شيطان، فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله، فإنّه يردّ ما في نفسه، وفي رواية يضمر ما في نفسه". رواه مع اختلافات طفيفة كلّ من مسلم والترمذي وابن ماجة وابن القطان والألباني، وأكّدوا صحّته. سنتوقّف عند هذا الحديث النبويّ، كي نؤكّد مقولة كنّا تبنّيناها تقول إنّ الاعتداد بالأحاديث النبويّة التي سجّلت بعد قرابة مائتي السنة من عصر النبيّ اعتداد باطل، ما لم نعمل فيها مبضع العقل، ونطبّق قواعد المنطق والمعقول فيها لتبيّن صحّتها. فلا يكفي أن نعتمد المبادئ التي اعتمدها رواة الحديث من الجرح والتعديل وغيرها، لأنّ كلّ تلك المبادئ لم تمنع حديثا مثل الذي بين أيدينا من الوصول إلى القارئ المعاصر على أنّه حديث صحيح موثوق فيه.
إن مسألة ما إذا كان يسوع متزوجاً، ليست من الموضوعات التي تستحق أن يشغل أي باحث جاد نفسه بدراستها، لأنها تنتمي إلى مجال الأدب الشعبوي لا إلى مجال البحث الأكاديمي الرصين الذي يعتمد مناهج البحث العلمي. والمسألة برمتها لا تمتلك الحد الأدنى من العناصر التي يمكن إخضاعها للتقصي التاريخي ولا للأساليب التي يتبعها الباحثون المتخصصون في كتاب العهد الجديد.على أن ما حفزني على طرح هذه المسألة هو صدور ترجمة رديئة عن دار نشر سورية عام 2006 ، لكتاب صدرت طبعته الأولى في بريطانيا عام 1981 تحت عنوان : The Holy Blood and the Holy Grail، أي الدم المقدس والكأس المقدسة. (1) وقد أعيد طبع الكتاب مراراً ولقي رواجاً كبيراً في أوساط عامة القراء الغربيين الذين لم يقرأوا كتابهم المقدس، وبالتالي لم يكن لديهم معايير للتفريق بين البحث الجاد في الأناجيل والبحث