هل الشعراء هم بائعو كلمات؟!
وإن كانوا كذلك فلم تنطلي عليهم الخديعة؟!
فهم يبيعون الكلمات ثم يتعلقون بمشتري كلماتهم. لطالما كان لكلمات الشاعر/ الكائن اللغوي سحراً خاصاً، يسحر الألباب،(وإن من الشعر لسحرا).
" رحيل الأسد..! "، هتف الثعلب مقاطعاً مجادله باستنكار. كذلك كان أمر الخنزير، الذي دمدم ساخطاً: " كنا نتوسّل ملكنا أن يمنحنا بعض حرية الحركة في الغابة، والآن سنطالب بطرده منها؟ ". بدا أنّ معظم الحاضرين، حسبما نطقت ملامحهم، يؤيدون كبير الغزلان. هذا، حافظ على هدوئه، شاملاً بقية المجتمعين بنظرة عينيه، العميقتيّ الغور. وكان الكبيرُ أكثر تصميماً، عندما توجّه أخيراً إلى الخنزير والثعلب بالقول: " أجل، وأنتما من سينقل طلبنا إلى الأسد بأن يرحل على الفور..! ".
ففي عقد السبعينيات، حاول البعثيّون إغراء الشعب من خلال بناء المدارس والمستشفيات ومختلف المؤسسات، حتى في أبعد النقاط النائية من الوطن. وبالفعل نجحوا في إيهام عامة الشعب، بجدوى ما يفعلونه وبأنهم المخلصون الجدد للسوريين من مخلفات الاستعمار والامبريالية الصهيونية العالمية. ولكن ما أن أطلت الثمانينيات برأسها حتى بدأ البعث بالكشف عن أنيابه، التي زرعها عميقاً في كيان المجتمع السوري، من خلال شن الحرب على محافظات سورية بحجّة محاربة الإرهاب،
على عجل. كل الأمور تجري على عجل. نغادر بيوتنا. حياتنا . خوفنا، ويشتكي الضمير إلى الإنسان الذي اختبأ في موكب الزمان الجديد.زمن الرّياء. زمن الفجور
نغادر من كلّ البوابات ، ولا يعترضنا شيء سوى الجحيم. جحيم الفصول، ،جحيم النّار عندما لايكون من يمرّ بين لهبها من الميسورين
ــ وأنا أراقب ألوان الشوك ..
ــ كوكب الله ــ أو قصيدة من أخضر، من بذرة خضراء وتراب متناغم مثل قشر الفستق ــ مملكة بسيطة في عمقها، لا سراديب، ولا رسومات على جدران، ولا فكرة مخرّبة... كوكب الله، بعثَ السماء التي تمطر كل قليلٍ، ودون أسئلة سوى انتماءٍ وتجذّرٍ حيث الخديعة، ولا أسترق سمعاً من نجمة، ولا تناص ، ولا تجرّد. فهل مثل ورقةٍ خضراء ترهفُ السمعَ على غصن شجرةٍ إلى صوت طائر...
*
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، مازالت عشرات الدول تلعب دور الكومبارس، وأدوار البطولة تقوم بها خمس دول عظمى فقط، وعلى العالم أن يتكيّف مع مصالح هذه الدول التي تتقاسم العالم، وعلى بقيّة الدول أن تكون تابعة أو تكون مطلوبة الرأس! وما يحدث للشعب السوري، رغم عدالة الثورة السورية والجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري والأطفال السوريين، لا يُنظر إليها خارج هذه المصالح،
على مدة 6 أيام بعد هذا الغزو البربري، والجثث في الشوارع منتفخة، متفسّخة، منها أيضاً الحيوانات التي أرداها الرصاص أو لمحتها الشظايا!
لم يكن لأهالي المناطق المجاورة لـ"جديدة الفضل" أي سبيل للدخول كي يساعدوا مَـن بقي،
أو يدفنوا الجثث التي اجتاحت روائحها مسافات واسعة حتى وصلت إلى حدود " المعضمية وداريا "!!...
فلقد كانت القناصات منتشرة على أسطحة ما تبقّى من بيوت، تردي أي عابر، حتى الظلال لم توفرها!
التوريث والفساد؛ هما مثلبتا النظام الأسديّ، الأبرز، خلال المرحلة الثانية من سلطته الممتدة ثلاثة وأربعين عاماً، والمفتتحة الألفية الثانية: فمن جهة، خلّفَ الإبنُ الأكبر أباه الديكتاتور على سدّة الحكم، ( مذكّراً بأنظمة دول على شاكلة كورية الجنوبية ) ومن جهة أخرى، تمّ إلحاق جيل جديد من الأقارب الجشعين، الجائعين للثروة، حتى أن أحدهم وهوَ ابن خال الرئيس أصبح مليارديراً خلال سنوات قليلة. لعلّ هاتان الخصلتان، المَوْسومتان، هما أكثر ما ركزت عليهما المعارضة السورية مذ عودة نشاطها الحثيث، مع " إعلان دمشق " خصوصاً،
وفي كل صباح أكون بانتظار قدوم الميغ على الرغم من أنني أعلم أنه " مع قدومها يُصيبني هوس (برصد الاحتمالات الكثيرة )
"فقط لأسمع سيمفونية الدوشكا ومضادات الطيران مختلفة الأوزان والإيقاع ,
وكأنني أضع بين يدي علبة من الشعلة وقد أدمنت على رائحتها يومياً وبعد كل رشقة من المضاد أقول (ليتني أستطيع ردّ الجميل )...
ممنوع التفاؤل. ممنوع الكلام. ممنوع الحلم على الفيس بوك، فكلما حلمت مرّة بإسقاط النّظام ،لتكون دولة مدنية. تستفزّ المئات من أصدقائك . يقولون أنّك شبيح، ولا تحترم رأي الأكثرية التي ترغبُ أن تحكم بالسّيف. تنظرُ لترى أين تقيم الأكثرية تلك. ترى أكثرها يخجل من اسم الثورة لأنّها كانت للفقراء، هم لم يتعودوا على الفقر. لذا بقوا مع النّظام إلى أن يحسم الشعب أمرة. تكون هي البديل، قال النائب العام لمحكمة مدينة التّل-على سبيل المثال-