و هذه العلية التاريخية لا تتسم في نظر ( ابن خلدون ) بصفة جبرية آلية. بل إن مفهومها الجدلي يأخذ باعتباره التأثيرات المتبادلة. و بذلك يكون ( ابن خلدون ) أحد رواد المادية التاريخية. و هو ، من جهة أخرى ، يصنف في كتبه الشعوب و الفئات الاجتماعية بحسب طراز إنتاجها الاقتصادي. بل إنه يمضي حتى إلى صياغة أولى لمبدأ المادية التاريخية ، يقول : " أعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله و الابتداء بما هو ضروري منه " ( 2 ).
إن الطريقة التي عولجت فيها الأحداث، أدت إلى خلق هوة وشرخ في المجتمع السوري، والى إسالة دماء سورية غالية، عمقت حالة الاستقطاب في البلاد.
يرى التيار، أن استعادة اللحمة الوطنية وجسر هذه الهوة، وإبعاد البلاد عن مخاطر التدخل الخارجي تستدعي إصلاحات عميقة، تشمل دستور الدولة، وهيكليتها.
يرى التيار أنه دون تحقيق ذلك، تتجه البلاد إلى منزلقات خطيرة تهدد مستقبلها لا بل وجودها، والمؤشرات التي أطلقتها مجموعة دول غربية، تقودنا إلى هذا الاستخلاص.
وعلى رغم أن بعض وسائل الإعلام السورية الرسمية يسعى إلى تخويف النساء من الحراك الثوري بدعوى أن قوى سلفية تهدف إلى إقامة إمارة إسلامية هي التي تحركه، تفيد المعلومات القليلة المتاحة بوجود مشاركة ملموسة للمرأة في غير قليل من البلدات والمدن التي يحدث فيها الحراك. غير أن الدليل الأبرز على المشاركة إعلان الجمعة 13 أيار (مايو) الماضي «جمعة الحرائر». خرجت في تلك الجمعة أعداد من النساء تعتبر كبيرة أخذاً في الاعتبار المخاطر الهائلة التي يتعرض لها المتظاهرون في مواجهة قوات أمنية
هل يمكن الانتفاضة أن تنتكس؟ هذا احتمال هامشي. هل يمكن أن تنجح؟ الأمر ممكن جداً. فالثورة السورية حدثت في مناخ عربي ثوري، مناخ لا يرضى بأقل من إسقاط الأنظمة، والتخلص من عقود الظلم والإفقار والتهميش والإذلال وانعدام الحرية، وتحكم الأجهزة الأمنية، وبالتالي هناك أسباب مكينة ودفينة، هي ما يحرك الهبات الشعبية، وهو أمر لم يعه النظام حتى هذه اللحظة. يخدم هذه الهبات خروج مدن بأكملها عن السيطرة، وانعدام فاعلية مؤسسات الدولة بالكامل، وانفتاح الصراع مباشرة بين الأمن و «الشبيحة» من جهة وجموع المتظاهرين
خدعة سينمائية تحذف صور الشهداء وجراحة زرع مخيلة موحدة تؤلف صورة بلا صورة
أما بخصوص «بيان سينمائيي الداخل» فبالرغم من كل هذا فأنا أعتقد أن في كلا النفقين أناساً يحلمون بالعدالة، يُعيقُ البعض منهم الخوف والمصالح وغموض المُستقبل، وشوفينيّة مَحلّويّة تَتَجند سريعاً، نفاقاً أو صدقاً، ضد كلّ من وما يأتي من الخارج. فتُعادي صوتَ أبٍ أو أخٍ لشابٍ قُتِل للتو على يد أجهزة الأمن في درعا، لأنَّ صوته يأتي من فضائيةٍ خارجيّة. لأن السوريّ هنا يتوَجَّه للخارج. وهنا يبدأ العقل مِحْنَتَهُ الأولى على نسق بيان إخوتنا سينمائيي الداخل، الذي يتجاهل
«ابن المقفع المصري» بالقرن الرابع الهجري الذي استعمل هذه الكلمة دون أن يشرحها في كتابه «مصباح العقل» مما يعني أنه لم يكتبها ويحدث بها، فهي معروفة لدى الناس، فالعلماني هو بالنسبة لابن المقفع المصري القبطي «من ليس راهبا» أي من ليس رجل دين، وكلمة علماني ليست من «العلم» فلا نقول عِلمانية بكسر العين، ولكن عَلماني بفتح العين أي من «العالم» فرجل الدين ينتسب إلى الآخرة، في حين أن العلماني ينتسب إلى هذه الدنيا، إذاً الكلمة ليست جديدة في تراثنا، ولم تستورد في القرن التاسع عشر أو العشرين كما يقال، بل هي موجودة في هذا التراث العربي المسيحي،
وهنا السؤال: لماذا يتجه القائمون على الإعلام المسموع والمرأي، إلى البعد عن المواطن وقضاياه ، والوقوع في أحضان المسؤولين ، وأصحاب النفوذ ، ورؤوس الأموال ؟ أليست الحاجة المادية هي المحرك الأول لضعاف النفوس بينهم ؟ وبالتالي فإن رشوة ً ، أو تهديدا ً ، أو استفادة بضعة صحفيين تغير الواقع الاجتماعي لمدينة ٍ ما ، وتجعل الفاسدين في مختلف مشاربهم ( مسئولين هامين - مستفيدين من الفوضى - رؤساء أقسام إدارية حساسة - محاسبين ماليين في أكثر من إدارة - موظفو جمارك وأمن عام - شرطة مرور وبلدية -
ي نظرته إلى الغرب بعلاقته بالشرق، كان الريحاني يرى أن الكشف عن الهوية العربية يرتبط برؤية الغرب لها، بحيث يؤكد في "كتاب خالد " : ( إن الهوية العربية غير مستلبة، بل مقموعة، و مستبد بها ) . ينتقد الغرب و ينفي عنه صفة المثال الذي يجب أن تتطلع إليه الشعوب العربية، و بالمقدار نفسه ينفي ( صفة التخلف القدري عن الشرق ) . لكن هذا النقد لا يمنع الريحاني من النظرة الموضوعية " غير الإيديولوجية " للعلاقة بالغرب الذي يرى فيه المرآة التي تعكس هويتنا، ( لأنه الشطر الآخر من الذات الذي لا نستطيع أن نتخلص منه، ذلك أن أكثر الناس سلفية و أصولية هم أيضاً منغمسون في تفكيرهم بالغرب، على الرغم من عدائهم الكبير لهذا الغرب الذي يعجزون عن الفرار منه )
و بالنسبة لتحليل أفكار و شخصية صلاح جديد أغفل الكتاب النموذج الأساسي الذي ساهم في صناعة أسطورته ، و هو البراغماتية ، فقد كان من الناحية العسكرية تلميذا مخلصا للمدرسة البروسية في بناء جيش وطني يتفانى في خدمة القائد و ليس الأفكار. و من الناحية العقائدية كانت ميوله لكومونة ماوتسي تونغ و نمط الإنتاج الزراعي الآسيوي. و لكن فيما يخص الدولة سار خلف الاتحاد السوفييتي الذي يروج لمجتمع عمالي و أممي.
و كذلك تحتاج نسبة أفراد المنتسبين للطائفة العلوية إلى التدقيق لا سيما أن الموضوع يتعلق بمجتمع متفتح و مثقف مثل سوريا. حيث تزدهر العلمانية
أكد الفيلسوف البريطاني توماس هوبز، أيضا ، على سلطات الحكومة. و كان كتابه الأهم ( ليفيثان – 1651 ) يقترح أن السيادة في السلطة يجب أن لا تكون محدودة ، لأن الدولة نشأت عن ما يسمى بـ ( العقد ) ، فالأفراد يقبلون قوة مشتركة سامية لحماية أنفسهم من غرائزهم المتوحشة و لتمكين إشباع بعض الرغبات البشرية. و قبل فيلسوف إنكليزي آخر هو جون لوك معظم نظرية العقد - الاجتماعي التي وضعها هوبز ، و لكنه أكد أن السيادة تصدر من الشعب الذي تعهدت الحكومات بحمايته ، و يمكن الإطاحة بتلك الحكومات شرعا إذا ما فشلت بتنفيذ وظائفها تجاه شعبها.