تحاول السياسة الأمريكية في المرحلة الراهنة فرض وجهات نظرها الأوروبية على الشرق الأوسط. و هذا هو الاسم الاصطلاحي الذي تطلقه على المنطقة العربية في ظل مناخ من الرغبات و الطموحات المتعثرة، و التي هي أساسا التعبير الموضوعي لصراع التاريخ مع السياسة. إن التاريخ دائما حقائق لها وجود على أرض الواقع ، و لكن السياسة ( و بالاستعارة من مكيافيللي ) فن لإدارة الواقع من وراء حدود الحقائق.
لا يمكن لكل ذي عقل سليم ان يصحح متن الحديث الذي اشتهر عن الرسول ( اختلاف أمتي رحمة ) حتى وان كانت عنعنات السند عبارة عن سلسلة ذهبية من العيار الثقيل ، فالحديث ليس فيه نبرة نبوية و ليس من المعقول ان يدعو رسول الوحدة والتفاهم والمحبة الى الاختلاف وما يتبع الاختلاف من تناحر وتشاجر وتنابز ، وهو الذي يشبه المؤمنين في توادهم وتراحمهم بالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ،
أثار النصّ الإيروتيكي القصير " لِيلا قالت هذا ... " ... الذي نشرته قبل أسابيع في موقع ألِف اليوم الكثير من التساؤلات والتعليقات، وعلى الأخص حول ما إذا كان كتابة إبداعية أصيلة او حكاية من تأليفي ... وقد ساهم الناشر الأستاذ سحبان السوّاح عن حسن نية ومحبة بحصول مثل هذا الالتباس "اللذيذ" ... كما ان كتابتي "المناورة" ساهمت في خلق اعتقاد بين العديد من القرّاء كما لو أنها نصّ أصيل ... وان الاشارة الى فلم او أبطال واقعيين او ممثلين، ما هي إلا زيادة في الخداع والتمويه "الأدبي" ليس إلا.
النص دون المرأة.. لا طعم له راجع كل ما مرَّ بك من نصوص، لا بد للمرأة من كينونة ما.. وإلا لما كان نصا.. بمعنى أخر لما كان وجوداً موازياً للحياة، حتى في النصوص التي تبدو ظاهراً خالية من قطب الكينونة الأهم، لو تمعّنا عميقاً في باطن النص، هاجسه، خلف الكلمة، خلف شطح الجملة، خلف الشاردة لوجدنا أن ثمة أنثى مطلقة تحوم بروحها بين الكلمات، وترف بأجنحتها حول قامات الحروف، تلويها، انغلاقها، انبساطها، تحوم الروح الأنثوية فاعلةً.
أنها ليست مجرد قضية إغراء من صدور عامرة، أو أفخاذ مكتنزة، أو أرداف طيبة مغناج، وليس تغزلاً "مشروعاً أحياناً"، ببطون ضامرة، وخصور ميّاسة هيفاء، وقامات كيّسة ممشوقة. أو هي في أبسط التحليلات، استجابة طبيعية لنداء غريزي فطري يحمله كل إنسان سوي في الأعماق. كما أنها ليست مجرد نزوة عابرة، ولمرة واحدة، يتبعها توبة نصوح لا رجعة عنها، بل أن الأمر يتعدى أكثر من ذلك بكثير.
الرجل هو تلك الذاكرة الموازية ، والجثة الموازية لكينونتي منذ الأزل ، وإلى الأبد في أشكاله المتعددة داخليا وخارجيا ، هكذا تومض داخلي هذه الفكرة ، قبل البدء بأي كتابة عن الرجل ، فهو تلك اليد التي تدلل فرحي وشجني أبا ، وذلك الشجار العذب على كل شيء من كسرة الخبز حتى أحلام اليقظة أخا ، وبعضي الذي يكبر داخلي فأمام عيني طفلا ،
في عالم يرسم قواعدَه الرجل بامتياز تصنيفه الفيزيولوجي، ويخطّ قوانينه المدنية ويجتهد في تشريعاته رجال أيضا، لا ريب أن غياب المرأة عن خطوط المد التفاعلي ومكامن الإنجاز السياسي إنما هو محصّلة لما هو وضعي بشري مؤدلج، أوعقائدي ديني مُُنزل. وهذا الأمر لا يقتصر على جغرافيا محددة أو ثقافة بعينها، بل يبدو جليا أنه شكل من نزوع عالمي وجنحة كونية لتقويض حراكهن .
عندما راسلني الأخ الأستاذ سحبان سواح من اجل إشراكي في الملف الذي يود الإعداد له والخاص بنظرة المراة المبدعة عن الرجل استغربت لبرهة لان هذا الموضوع صار يطرح علي لأكثر من مرة خلال شهر واحد وكنت قد نشرت مقالا بهذا الخصوص في صحيفة القدس العربي يتناول فيه المراة المبدعة الشرقية ومحاولتها للانسلاخ عن عباءة الرجل ..
(( الرجلُ.. بحرٌ وعطاءٌ بلا حدود، يخفي غموضه تحت زرقة ذاكرته الذاخرة.. الرجلُ .. بحرٌ عميق هادئ، قد لا ينبئ عما بداخله من ثوران وغضب.. والبحرُ مثل رجل ماكر يكثر الغدر بأولئك المساكين، الذين ركبوا أمواجه مغامرين وهم ينشرون أشرعة للحب والريح..
في واجهة أحدي المكتبات , وجدت ذلك الكتاب: " اسبال الكساء على النساء " من تأليف جلال الدين السيوطي المتوفي سنة 911 هجرية .
لم يثر اهتمامي عنوانه بقدر ما أثار اسم مؤلفه عجبي و دفعني لاقتنائه . فالأمر أن تأليف رسائل الحجاب و الضوابط الشرعية لزي المرأة هو أمر حديث نسبيا . و يندر أن تجد كتبا أفردت لهذا الأمر من الفقهاء القدامي .